حدوده ، واعلم يا ولدي ـ وفقنا الله تعالى وإياك والمسلمين أجمعين ـ أن طريقتنا هذه مبنية على الكتاب والسنة ، وسهل الصدور ، وسخاء اليد ، وبذل الندى ، وكف الجفا ، وحمل الأذى ، والصفح عن عثرات الإخوان.
وأوصيك يا ولدي بالفقر وهو حفظ حرمات المشايخ ، وحسن العشرة مع الإخوان ، ونصيحة الأصاغر والأكابر ، وترك الخصومة ، لا ترك أمور الدين.
واعلم يا ولدي ـ وفقنا الله وإياك والمسلمين أجمعين ـ أن حقيقة الفقر أن لا تفتقر إلى من هو مثلك ، وحقيقة الغنى أن تستغني عمن مثلك ، وأن التصوف حال ، لا الأخذ بالقيل والقال ، وإذا رأيت الفقير فلا تبدأه بالعلم وابدأه بالرفق ، فإن العلم يوحشه ، والرفق يؤنسه.
واعلم يا ولدي ـ وفقنا الله وإياك والمسلمين ـ أن التصوف مبني على ثماني خصال أولها السخاء ، وثانيها الرضا ، وثالثها الصبر ، ورابعها الإشارة ، وخامسها الغربة ، وسادسها لبس الصوف ، وسابعها السياحة ، وثامنها الفقر ، فالسخاء لنبي الله إبراهيم ، والرضا لنبي الله إسحاق ، والصبر لنبي الله أيوب ، والإشارة لنبي الله زكريا ، والغربة لنبي الله يوسف ، ولبس الصوف لنبي الله يحيى ، والسياحة لنبي الله عيسى ، والفقر لسيدنا وشفيعنا محمد صلّى الله عليه وسلم.
أوصيك يا ولدي أن تصحب الأغنياء بالتعزز ، والفقراء بالتذلل ، وعليك بالإخلاص وهو نسيان رؤية الخلق ، ودوام رؤية الخالق ، ولا تتهم الله في الأسباب واستكن لله في جميع الأحوال ، ولا تضع حوائجك اتكالا بأحد لما بينك وبينه من القرابة والمودة والصدق ، وعليك بخدمة الفقراء بثلاثة أشياء أحدها التواضع ، والثاني حسن الآداب ، والثالث سخاء النفس. وأمت نفسك حتى تحيى ، وأقرب الخلق