وشاورهم في الأمر واتفقت كلمتهم على لزوم استئصال بكر وأعوانه وإبادتهم كلهم ووجوب مراعاة النظام وإنهاء هذه الحالة المضطربة.
سمع محمد بن بكر أغا وكتخداه عمر أغا بما وقع عليه الاتفاق فتمكن محمد من الفرار وأما عمر أغا الكتخدا فإنه جيء به إلى محمد قنبر أغا فصار يتضرع إليه ويتوسل به. يبكي ويستغيث طالبا أن لا يقتل وأنه يقوم بما يلزم لتأديب بكر وأعوانه. فأبدى بعض الحاضرين لزوم اغتنام الفرصة وأن يقتل لحينه ولكن محمد قنبر قد غر وظن أنه سيكون من أعوانه ، يستميله إليه بالعفو. وعند ذلك أطلق سراحه ، وذهب إلى بيته ومن ثم تقلد سيفه وتقدم في المعمعة وصار يترقب ما تأتي به الأقدار. وبهذا غفل محمد قنبر عن مكر الأعداء وغره ما أظهروا.
وحينئذ ذهب الوجوه والأعيان وكافة الأشياع إلى القلعة ووصلوا إلى الوزير يوسف پاشا فأعلموه بدخائل الأمور وحقائقها وأن الأعداء أشعلوا نيران الفتن والشرور وأوصوه أن يتخذ ما يلزم من التدابير إلا أن هذه كانت في غير أوانها بل شغل الوزير عن اغتنام الفرص بتوجيه المناصب بدل من شغرت مناصبهم. وكان الأولى به أن يراعي التدابير الواقية حذرا من أن يستفحل الأمر فلم يفعل.
وبهذا تمكن الثائرون من لم شعثهم ومن تدارك الأسلحة خلال غفلة هؤلاء. جمعوا الأشياع والأحزاب ونهضوا. فاحتلّوا منعطفات الطرق وممر الناس. وكذا المواطن الأخرى التي رأوا ضرورة في لزوم احتلالها. ولم يكتفوا بذلك بل أغاروا على القلعة الداخلية والميدان وباشروا الجدال. رشقوا أتباع الپاشا بنيران البنادق حتى سقط الكثير منهم قتلى.
ومن ثم عاد بكر صوباشي وحاصر البلد بل ضيق الخناق على الوالي. ذلك ما دعا الوزير أن يخاطر بنفسه وبمن معه فهاجم صوب