من غير قتال راجيا أخذ البلد بالسهولة فبينما هو منتظر التسليم أتاه الخبر بأنه من طرف الشاه أتى إلى مشهد الحسين (رض) خمسة آلاف مقاتل لإمداد بكر صوباشي ، وأكثر عساكر الشاه قد اجتمعت في (درنة ودرتنك) فخاف سوء العاقبة ، وأرسل منشورا إلى بكر صوباشي يتضمن أننا جعلناك واليا على بغداد فاحفظها ولا تسلمها للشاه ، وارتحل وذهب إلى ديار بكر ثم إن بكر باشا أخذ في تحصين السور وأرسل خبرا لمن أتى لإمداده من عساكر الشاه أن اذهبوا إلى مكانكم فقد حصل المطلوب.
بلغ هذا الخبر الشاه فاستشاط غضبا. فأتى إلى بغداد وحاصرها فقام بكر صوباشي بحفظ القلعة أحسن قيام لكن ابنه درويش محمد بعث خبرا إلى الشاه أني أسلمك البلاد إن أنعمت بها عليَّ فوعده الشاه بذلك ففتح لهم باب السر التي في جانب الشط فدخل منها نحو عشرة آلاف شخص وضربوا البوق وقت السحر فلما تمكنوا من البلد أمسكوا بكر باشا وقتلوه شر قتلة وقتلوا القاضي نوري أفندي ، وقتلوا من أهل السنة والجماعة خلقا كثيرا».
قال الغرابي :
«ولقد رأيت جما غفيرا ممن أدرك هذه الوقعة فكانوا يقولون : ما سلم درويش محمد البلد طمعا فيها بل لما رأى من القحط والغلاء حيث أكلت الناس الكلاب» ا ه (١).
وبعد ثلاثة أيام من فتح بغداد والاستيلاء عليها فرق بدفاتر (أسماء أهل السنة) و (أسماء الشيعة) ودونها وأودع من السنة من لا يحصون بيد الشيعة فعذبوهم بأنواع العذاب وقتلوا فيهم كثيرا ليضطروهم على بيان أموالهم وسائر ممتلكاتهم. وكان في نية الشاه أن يقضي عليهم جميعا
__________________
(١) تاريخ الغرابي ج ٢ ص ١٠٠.