السفير (مير طريف). فورد هذا ميناء جدة فأخبر السلطان بذلك كما أن علي باشا بن أفراسياب عرض قضية مجيئه إلى السلطان بكتاب. ولما وصل السلطان الموصل وافى السفير وقدم الكتاب والهدايا وبين هذه التحف كمر (هميان) مجوهر تقدر قيمته بمائة وخمسين ألف قرش. وترس مصنوع من أذن الفيل ومغطى بجلد الكركدن. ويعتقدون أن هذا لا يؤثر فيه السيف ولا البنادق وأكثر من القول فيه. أما السلطان فإنه أراد أن يجرب قوة سهمه فضربه ضربة كانت قد خرقته. وبهذا كذب دعوى الهنود واعتقادهم في هذا النوع من الترس فابتهج بعمله هذا مما أزال الاعتقاد. وحينئذ وضع داخل الترس خمسمائة فلوري (١) وأعاده إلى السفير.
كان جاء هذا السفير بأموال وافرة للتصدق بها على فقراء الحرمين الشريفين. وإن ملك الهند أيضا كان أشار إلى ذلك بكتابه المرسل كما أنه كان قد سمع بتوجه السلطان إلى بغداد. ولذا قال ونحن أيضا جهزنا جيوشنا على قندهار واستعادتها من أيدي العجم. وآمل أن يسهل الباري علينا تسخير المملكتين.
وفي هذا الأمل ما يدعو إلى إنجاز المهمة التي جاء من أجلها السلطان ، فكان عمل الهند ما يشوش الوضع على إيران من مجاوريها. ويسهل فتح بغداد. وهكذا فعل الشاه عباس الكبير باتفاقه مع الدول الأوروبية المجاورة للعثمانيين ، فلم يظهر لها أثر من جراء أن السلطان عقد الصلح مع بعض المجاورين وأكد وضعه.
وفي الحقيقة تم الفتح. وكان أمر السلطان ببقاء السفير وإقامته في
__________________
(١) الفلوري : نقد ذهبي. ذكره بنيامين في رحلته ص ٨٠ وورد في صبح الأعشى. وشاع في المملكة العثمانية وتغلبت تسميته على الدنانير العثمانية. ويسمى فلورين أيضا. وأصله من فلورنسة. والتفصيل في كتاب النقود العراقية.