أحوال العجم في بغداد :
إن الشاه لم يشأ أن يخاطر في معركة كبرى مع السلطان خشية المجازفة واحتمال الخذلان مثل ما وقع مع الشاه إسماعيل فاكتفى أن يضع ببغداد قوة كافية للدفاع والحصار بغرض أن يشغلهم ويطاول في الأمر لعل هذا تكون عاقبته كأمثاله. فاختار من جيشه نخبتهم وجعل القيادة لأكابر أمرائه ، وكان من رؤسائهم (خلف خان) رئيس الرماة المشاة وكان حارب السلطان في أنحاء روان فجعل في أنحاء بغداد. وكذا كان آغا صادق ابن مير فتاح في حرب روان. فعفا عنه السلطان فأطلقه وأعوانه ولكنه دام في تعنده ولم يخش الوقيعة مرة أخرى فجاء باثني عشر ألفا من الرماة بالبنادق فوافى هو وأمراء آخرون للحاق ببكتاش خان (والي بغداد) ونبه الشاه إلى لزوم المحافظة على بغداد وأكد وجوب صيانتها وانسحب وجماعة من العجم بقصد الإمداد والإعانة ليكون قوة لهؤلاء فأقام في محل يبعد نحو ست ساعات.
إن المحصورين في المدينة لم يكونوا يعلمون عن حصار بغداد من (الباب الوسطاني) فكانوا في أمان منه ... ولم يعلموا بما اتخذ من متاريس فرأوا أن قد هوجموا من محل لم يعهد القوم المهاجمة من ناحيته مما دعا أن يذهلوا فلم يقدروا على الدفاع إذ لم يكن أتاهم عدوهم من هذه الجهة فصاروا يرمون بالقنابل والبنادق من جانب القلعة وبادروا للدفاع عن حوزتهم من تلك الناحية أيضا.
في هذا الحين وردت للعثمانيين المدافع من طريق البر وذلك ثاني يوم الحصار مساء فوزعت عشرة منها للوزير الأعظم وستة إلى قبودان باشا وأربعة إلى حسين باشا. وفي تلك الليلة أقروها في مواضعها. وصوبت وقت السحر على المدينة من ثلاث جهاتها.
قال المحبي :