سيما نار شهربان. فظن أن هذه النار يقصد بها (نار) المراد في لغته ، فصارت تتكرر هذه كملحة.
ثم إن السلطان أمر أن يعبر سلحدار باشا مع ثلاثة عشر مدفعا بمن معه من العساكر ففعل وحاذى باب الشط من الجانب الغربي وصار يرمي داخل بغداد من جهة (قلعة الطيور) فخرب أبنية المدينة وأقام القيامة على رؤوس العجم. وإن سلحدار باشا نصب كتخداه عثمان آغا (باشبوغا) (١) على العساكر واللوندات (٢) جميعهم ممن في (قلعة الطيور) (٣) وأراد هو أن لا ينفك من نظر السلطان فكان يعبر لمرتين يوميا إلى قلعة الطيور ويلاحظ أحوال العساكر ويفتش أمورهم.
وفي اليوم الثامن لأيام المحاصرة شاهد كل من الوزير الأعظم وقبودان باشا (أميرال البحرية) وحسين باشا أن قد تخرب أكثر التلول فملأوها بتراب كانوا ينقلونه بالزبابيل (الزنابيل) وسدوا المطلوب منهم.
وتسهيلا للغرض قطع الجيش نحو ألف نخلة فصنع منها توابي (طوابي) ، وضعت عليها المدافع وصنعوا تلولا تكاد تضارع الجبال في علوها. واشترك في هذا جميع العساكر وملئت الخنادق فتقدموا إلى السور.
__________________
(١) يراد به قائد العساكر غير المنظمة. وهنا يقصد به القائد الوقتي.
(٢) اللوند : كسوتهم خاصة. ويعدون من أفراد الجيش البحري في أصل تشكيلاتهم ، وفي خدمة الساحل البحري. ثم صاروا يستخدمون في خيالة الجيش في الولايات الأخرى. وألغي هذا النوع من الجند سنة ١١٨٦ ه إلا أنهم بقوا في بغداد وفي الولايات النائية. وفي بغداد محلة خان اللاوند من بقايا تسمياتهم. واللفظة إيطالية أصلها (Levant) فاستعملت عندنا لوند ، ولاوند. (تشكيلات وقيافت عسكرية ص ٩١).
(٣) قلعة الطيور تقع بالقرب من تكية خضر الياس للبكتاشية. وكانت في رأس الجسر. وموقعه هناك. وإن الجسر الموجود اتخذ له الطريق من المدرسة المستنصرية فهو حادث.