آخر العهد تدل على ما عليه الحالة من خلل في المالية ... وأن هذا الأمر سرى مفعوله إلى العراق فلم ينج منه ... وعمت البلوى بما كان ينسب إلى الموظفين من الارتشاء ، فكانت البلية أكبر ...
١ ـ الدفتريون :
من أجل المناصب المالية في العراق منصب الدفترية ، أكبر منصب في المالية ، فإذا كان عندنا اليوم وزير المالية ، ومدير المالية العام ، فإن الدولة كان لها هذا المنصب ويعد بمنزلة وزارة المالية ، وعندنا الدفتريون بمكانة أقل نوعا من دفتري الدولة في عاصمتها ، ولكنه لا يختلف عنه في مهمة الإيالة مثل بغداد ، وإن التشكيلات المالية هنا مصغرة من تلك بلا كبير فرق ...
وإن الدفتريين كانوا مجهزين بأكمل المعرفة ، والاطلاع القانوني ، والثقافة البالغة حدها ، والاطلاع المكين على المعتاد المالي للدولة ، وربما فاق منهم كثيرون في مختلف الآداب وولدوا نهضة في مملكتهم ، وغالب هؤلاء من متخرجي ديوان المالية ، وكلهم عارف بما هنالك من تعاملات محلية لكل قطر ودراسة عملية ... فجاءت هذه الأعمال نابعة لنهج مالي ، ولفرامين قطعية ، وحقوق شرعية في الضرائب ، وقوانين آل عثمان ، فلا يتجاوزونها مراعين المعاهدات الدولية في العلاقات الخارجية.
وكل هذه تعين مهمتهم ، وتبين وضعهم ، وتجعلهم في غنى عن معرفة أخرى ، ولا ريب أن ذكر جملة من هؤلاء مما يؤدي إلى الاطلاع على سيرتهم ، وأنهم كانوا مالكين زمام الأمور ، وأن النقص في بعضهم غير مؤثر في أصل المنصب وقيام أصحابه بما توحيه الكفاءة ، ويلهمه العمل ...
وهذا المنصب من أصل تشكيلات الدولة العثمانية وإلا فإن التشكيلات المالية عندنا تابعة رأسا للوزير ، وإن رجال الديوان ـ القسم