الجاحظ ، وابن حسول (١) وغيرهما لما ملكوا من سجايا ، ومن أهمها الشجاعة ، والتنظيم الحربي ، والطاعة الكاملة ، ولم تنعدم من هؤلاء تلك الأوصاف ، بل لا تزال موجودة بارزة للعيان بالرغم من وجود الضعف والانحلال ، فالمزايا الفردية لا تزول وإنما يذهب أمر الوحدة ، والنشاط العام. والتنظيم المشترك. فلا تظهر المزايا الشخصية بل تنقلب إلى ما يعجل بالقضاء على الأمة ، ويسهل للأجنبي أن يحكم أو يتحكم. وهذه السنة موجودة في الكل ولعل في تفوق المقابل ما يدعو لانتصاره ، ولكن السجايا الفردية لم تمت ، فترى الجيش المغلوب يدمر ، ويوقع بالعدو كما يوقع المنتصر ... والوحدة والنشاط نلحظها في نفسية القائد ، وفي مقدار نشاطه ، أو درجة عنايته وعنائه في التنظيم. فالعلاقة غير مقطوعة. والتعويض عن هذه القدرة بقائد محنك أمر لا ينكر. والأمم راعت الطريق في الكل وجعلت الحالة سائرة باطراد لإزالة ما وقع فيه الأقوام من انحلال في جيوشها.
وفي غالب الحروب يتولى السلطان الأمر بنفسه ، والأمور البحرية في الأكثر يودعها إلى (قپو دان پاشا) أو قبطان باشا وكان هذا يستمد قوته من السلطان ، وفي بعض الأحيان يودع الأمر إلى الصدر الأعظم ويسمى بـ (السردار) وتوزع القيادة إلى الولاة في الأكثر لتعدد المواطن ، فكل وال قائد جيشه ...
والجيش العثماني يتكون من :
__________________
(١) رسالتان في فضائل الجندية عند الترك إحداهما للجاحظ طبعت مرارا والأخرى عثرت عليها وقدمت لها مقدمة ترجمت إلى التركية وطبعت بأنقرة في مجلة (بلله تن) مع الأصل العربي وطبعت باستانبول مستقلة أيضا. كان نقلها الأستاذ المرحوم محمد شرف الدين رئيس الشؤون الدينية بأنقرة. وهي (تفضيل الأتراك على سائر الأجناد) لابن حسول.