٩٤١ ه دخل جيش الترك العثمانيين ، فظهر في فتوحه بقدرته. وهذا لم يكن يتصور تسلطه وتغلبه إلا في نظامه وطاعته وحسن إدارته. ومتى فقد هذا الجيش السيطرة من قواده ، وركن إلى الجموح وعدم الإذعان من جنده حرم القدرة من الفتوح ، ومن حراسة المملكة أو الممالك المفتوحة ...
وحياة الأمم قائمة بحياة جيشها ، وإدارتها ثابتة بثبوت هذه الحياة ، والتمكن من السيطرة على الجيش حذر أن يجمح وإلا انحل ، وانفرط عقده ، وتبعثر أمره ، وزالت وحدته وحاكميته ... والبقاء ودوام الحياة العليلة إنما تكون أحيانا مقرونة بعلة المقابل ، وانحلاله فلم تعجل أمور الوفاة ، وقد يصح ، وتعود له القدرة بسرعة موت المقابل الند له ...
وكل هذه مفسرة لحياة الجيش في أطواره ، وقد مضت الأمثلة العديدة لأول العهد ، ولآخره ... ومن الأولى في هذه الحالة أن ندرس (نفسية الجيش) في نفسية قواده ، ودرجة قدرتهم للتمكن من السيطرة على الموقف ، ومراعاة النظام وعدم التهاون به ... والحوادث المارة أمثلة مشهودة.
والجيش التركي من سلجوقي ، وأتابكي ، ومغولي ، وتركماني ... قد عرفت مكانته في القوة والشجاعة والفتح. وحب النظام ، والطاعة ، مع قوة وتمرن في الأفراد. ومن ملك جيشا مثله ملك العالم ، بل تمكن في الدرجة الأولى من حفظ استقلاله ، ووقف بالأمم عند حدودها ، فلا تستطيع أمة معتدية أن تنتهك حرمة مملكته ، أو تتجاوز عليه ، وقد ظهرت هذه في السيطرة على أقطار عديدة بما يملك أمراؤها من نفسية ، وما استطاعت بها أن تحمل الجند على الطاعة التامة ، وأن تنسق الجيش تنسيقا في أقصى حدود التنسيق ، فأذعنت لها الأمم رهبة أو رغبة.
والترك العثمانيون لا يختلفون عن سائر الأتراك الذين وصفهم