والدولة العثمانية معروفة بأنها دولة محاربة ، فلها مهارة في التدريب العسكري. واكتسبت شهرة عالمية وهذا الجيش تمكن من التوغل إلى أواسط أوروبا ، فحاصر (فينة) أو (ويانة) ، ثم أخفقت في الحروب بعدها وأصابها تحول كبير في الانحلال والتدهور ، فقدت المزايا ، وأضاعت ممالكها المفتوحة الواحدة بعد الأخرى.
حاولت في تجارب عديدة أن تستعيد القوة ، أو تحرس المملكة ، فلم تفلح ، وخذلت مرات عديدة ، فكانت محاولاتها عبثا ، وأن الينگچرية كانوا سبب الاحتفاظ بسلطتها ، فأدى وضعهم الأخير إلى انحلالها ودمارها ، وصارت عبرة المعتبر في نشاطها وفي انحلالها ، وكلاهما مدار الانتفاع قطعا ، فإذا كان جيش المغول لا يخلو من نقص طرأ عليه ، وجيش تيمور انحل للسبب نفسه ، فالجيش العثماني لا يخلو من بواعث لنشاطه وانحلاله. ومجموع ما هنالك يكون عبرة عظيمة في التنظيم والنقص والسيطرة والتدهور كما أن الجيش العباسي قد طرأ عليه ما طرأ ...!
وفي هذه التجارب خدمة لإدارة الجيش ، وتدارك لما يحتمل أن يطرأ من انحلال بتلافي الأخطار والتجارب وأن لا يقع الخلل والاضطراب ، بل إن جيوش الأمم وتشكيلاتها كلها مدار عبرة العصور ، وطريق التوصل إلى الغرض من إصلاح. وفي مثل هذه الحالة لا يراعى الترتيب المنطقي والعقلي المجرد ، وإنما هناك تجارب عملية خلال عمر طويل مضى على البشرية لا يستهان بها يصح أن يعول عليها ...
والعراق فقدت منه إدارة الجيش وزعامته وقضي عليه من تاريخ التغلب في العهود العباسية ، وتسلط المغول ومن تلاهم فقد القدرة والسيطرة على الموقع ، وأن يكون سيد بلاده ، وقائد جنده ، وغاية ما صار جنديا تابعا أي جيشا أهليا تابعا لجيش أصل الدولة ففي سنة