تأسس أيام السلطان أورخان ، واكتسب نظاما ، وتوزع إلى صنوف. وبهذا تمكنوا من استخدام جيش غير الجيش التركي تابع لتربيتهم ، وأصله من لقطاء أولاد الأجانب ، تربوا تربية إسلامية وعودوا على الحروب ، ومالوا إلى هذه التربية لما رأوا من الحاجة لانعدام الكثيرين من رجالهم ، فأكلتهم نيران المعارك ، ومن جهة أخرى الحروب المستمرة كانت تتطلب ذلك ، ولا نجد دولة لم تستخدم الأقوام لصالحها وإن كانت ذات قوة وسلطان ، وسمي هذا الجيش بـ (الينگچرية) ومعناه الجيش الجديد (ينگي) جديد و (چري) بمعنى جيش أو جند (١).
وتشكيلات الجيش في العراق لا تختلف عن أصل الدولة من ترتيبات إلا أن الوالي هو المسيطر وأن أمير الجيش التابع له هو (آغا الينگچرية) ، ويستخدم الجيش الأهلي أيضا ، وهو المعروف بجيش الولاية ، وأحيانا يتولى الوالي القيادة بنفسه في القضايا المهمة ، وينيب منابه (قائممقاما) يسمى (قائممقام الوالي) ، يتولى أعماله مدة غيابه.
وفي القضايا العظيمة والمدلهمات الكبيرة الشأن تعين الدولة الوالي ، أو تقوم بنفسها في الحروب ، وتدعو الولاة المجاورين. وإن هذه تدل على التناصر لإخماد ثورة ، أو حرب ناشبة ، وبعد إنهاء الواجب يعود كل من الولاة المجاورين إلى محله. وفي حوادث عديدة ما يشير إلى ذلك.
إن جيش الينگچرية دام إلى ما بعد هذا العهد أي إلى سنة ١٢٤١ ه ، ثم حل محله (الجيش النظامي) وهذا لحقته تبدلات عديدة ومهمة في تنظيمه ، وتحول التمرين الحربي ، وتبدلت معداته وأسلحته إلى أن انقطعت العلاقة من العراق سنة ١٣٣٥ ه ـ ١٩١٧ م.
__________________
(١) شاع بين بعض الكتاب المصريين أن يكتب بلفظ (انكشارية) ولكن العراق استعمل اللفظ قريبا من أصله من مدة طويلة.