وينصحها فلم يجد ذلك نفعا. وفي الأثناء سمع أن أهل بغداد لا يستطيعون الحصار ، ونادوا بالميل إلى السلطان وأبدوا حبهم له ، وأن نحو ثلاثة آلاف من قبيلة تكلو أوقدوا نيران الفتنة ، وجاهروا بالمخالفة وتطاولوا ، بل إن هؤلاء اتخذوا المستنصرية حصنا لهم. وكان أمل الخان أن يوقع بهؤلاء ، وأن يصطدم بهم ، فلم يوافقه السيد محمد كمونة بل مانعه أن يقوم بالفتنة ومن ثم علم أن قبيلة تكلو أبدت المعارضة وتحصنت في المدرسة المذكورة ، وأنها ليست مع الشاه ، فتظاهر بأنه مع السلطان فوجد موافقة ، ومن ثم وبناء على موافقة الخان أرسلوا مفاتيح بغداد مع رؤساء قبيلة تكلو ، وقدموها للسلطان وأبقوا الخان رئيسا ولكن الخان علم يقينا أن إظهارهم المتابعة ليست إلا أمرا وقتيا وأنهم يضمرون له الكيد ، وأنه سوف يرى ما لا يرضاه فندم على ما فعل ، الأمر الذي دعا أن يعبر الجسر ويذهب من طريق البصرة إلى مقر الشاه ، فذهب مملوءا رعبا. وترك بغداد (١).
وإن قائد الجيوش (السر عسكر) لم يفتح الأبواب حذرا من أن ينال الأهلين أذى من الجيش. وأنعم السلطان على هذا القائد إنعاما عظيما (٢).
٤ ـ دخول بغداد :
إن الجيش دخل بغداد بلا حرب ولم يقع أي ضرر ، كان جاء الوزير الأعظم إبراهيم پاشا السردار بأربعين ألفا. وأما السلطان فإنه وافى بغداد بمائة ألف إلا أن ما أصاب العساكر من طغيان المياه ، والأمطار والزعازع أضعاف ما لو كان حرب. وكادت تحبط مساعي القوم.
__________________
(١) كلشن خلفا ص ٦١ ـ ٢.
(٢) نصوح المطراقي ، وعزيز جلبي في سليماننامه ، وأوليا جلبي ، وجامع الدول.