والممالك الشرقية آنئذ كانت منحلة الإدارة. ومن الضروري أن توحد إدارتها وتتبع أعظم قوة وهي القوة التي سحقت إيران وفلت من غربها ولم تكن الإدارة تابعة للسلطة من كل وجه ، بل كانت عامة دون تدخل في الشؤون الجزئية ، تابعة لمواهب الوالي وقدرته.
وأهم الدواعي الحقيقية لهذا الفتح أنه لم يبق منازع للحكومة التركية بعد خضد شوكة العجم فلا مانع لها من استيلاء على بغداد. والشهرة القديمة من أكبر الدواعي في توليد الآمال. فالنفوس منصرفة إلى حب الاستيلاء على بغداد والأنحاء العراقية ...
وأما البواعث الظاهرية فهي ما مرت الإشارة إليه.
كان وطد السلطان الأمن ونظم الإدارة كما أراد ثم غادر بغداد في ٢٨ رمضان سنة ٩٤١ ه وعسكر في (گوگ تپه) قرب آلتون كوپري وتوجه من هناك نحو إيران لما سمع من ظهور الشاه واستيلائه على تبريز ومحاصرته مدينة وان. جاءته الأخبار بذلك ، فوافى متوجها نحو تبريز. وحينئذ فر من وجهه الشاه طهماسب ، وبهذا تمت حوادث بغداد ، فبقيت إدارتها بيد الولاة ، ووافق السلطان على طلب الصلح بعد الإلحاح فعاد إلى استانبول فدخلها في ٤ رجب سنة ٩٤٢ ه (١).
الوالي سليمان باشا
وهذا أول وال على العراق أودعت إليه الدولة العثمانية منصب إيالة بغداد ، نقل عن ولاية ديار بكر فنصب أمير أمراء (٢). وفي گلشن خلفا أن السلطان بعد عودته من زيارة المراقد المباركة في النجف وكربلاء نصبه واليا بلقب (بكلربكي). وجاء عنه في قاموس الأعلام أنه
__________________
(١) تاريخ صولاق زاده ص ٤٩٠ وتاريخ بجوي ج ١ ص ١٨١.
(٢) صولاق زاده ص ٤٩٠.