جراء أنه سلطان المسلمين ولا يرضى أن يهان ملك مسلم فيتغافل عنه مما زاد في النخوة وحرك أمر الإسراع فأودع هذه المهمة إلى أمير أمراء مصر (واليها) سليمان باشا ، ولذا منحه سلطة إصلاح السواحل في الجزيرة العربية ، ومنع التجاوزات البرتغالية في الهند.
أعد الأمير العدة ، وفي أواخر محرم الحرام سنة ٩٤٦ ه نهض من ميناء السويس ، بقوة بحرية متكونة من أسطول محتو على ٣٠ قادرغة ، ومن سفائن عديدة تحمل العسكر ، ولكن ما ذا يؤمل من أمير البحرية (أميرال) إذا كان قد بلغ الثمانين ، ونال من العجز حده!.
أراد الأميرال أن يولد رعبا في الأعداء ، ويبعث أملا في نفوس رجال الدولة ومن على شاكلتهم ، فمضى من سواحل العرب حتى وصل إلى جدة ، ومن هناك توجه نحو جزيرة قمران. وفي ١٣ ربيع الأول مخر البحر الأحمر ، وفي أربعة أيام بلياليها استمر الأسطول سائرا في طريقه ، وفي ١٧ منه وصل إلى ميناء عدن. وكانت هذه المدينة بتوابعها يحكمها عامر بن داود (١) ، وبتدابير حسنة استولى عليها الأسطول وهناك اتخذ برج أحكم بناؤه ، وأقيم فيه محافظون ، ووجهت ايالته إلى بهرام بك ثم مضى الأسطول في سبيله إلى الهند.
وفي غرة ربيع الأول وصل الأسطول إلى سواحل الهند الغربية. وافوا أمام قلعة (غوآ) ، وفي بادىء الأمر استولى على هذه ، وبعدها سيق الجيش من طريق البحر فحاصر بلدة (كوه) و (كاره) الواقعة في شمال تلك ، وبعد التخريب استولى الجيش عليها وعلى سابقتها ، وفي أثناء الحصار والتضييق هلك كثير من البرتغال ، فقتل نحو ألف نفر منهم ، وهكذا مضوا إلى الشمال فساروا نحو مدينة (ديو) ، شرعوا في التضييق
__________________
(١) من بني طاهر في اليمن. شعبة حكمت بلدة عدن. ويدعون أنهم من بني أمية. (دول إسلامية ص ١٣٣).