عليها وأخرج إلى البر نحو عشرين ألف جندي ، ومعهم نحو ٥٠ مدفعا ، وكانت هذه محكمة ، وفيها خنادق ، وليس من السهل الاستيلاء عليها كما أن المؤونة كانت قليلة ، والمصاعب كثيرة ، فاستعصى الأمر.
وفي هذه الأيام كان أرسل خبر إلى السلطان محمود ملك كجرات (١) ليرسل المؤونة إلا أنه مضى شهر ولم يرد جواب منه الأمر الذي أدى إلى مصاعب وحدوث مجاعة في الجيش حتى تزايد شأنه بل عظم خطره ، يضاف إلى ذلك أن المحصورين طيروا خبرا إلى السلطان محمود بأن سليمان پاشا قتل أمير عدن عامرا وهكذا يفعل بك ، فالأولى أن تتفق معنا ، ولا ترسل أرزاقا لجيش الباشا وإلا نالك ما نال الأمير المذكور. ومن ثم وحذرا من سوء القصد اتفق مع هؤلاء وامتنع من إرسال المؤونة ، بل ساعد المحصورين فعلا ومال لجهتهم. فعلم الپاشا بالأمر ، فلم ير بدا من رفع الحصار ، وتحميل المدافع والجيوش في السفن ، والإقلاع عن هذه المواطن ، فسار في البحر قافلا من الطريق الذي أتى منه ، قطع ٢٠ يوما في البحر ، فوصل إلى سواحل جزيرة العرب الجنوبية ، فحط في الشحر. وكان حاكم البلد قد أبدى طاعة وقام بكل ما يجب من تقديم أرزاق ، ومساعدات للجيش ، ثم أقلعت السفن من هناك فوافت عدنا ، ثم مرت بميناء زبيد. وفي هذه الأثناء وجد أن الأمير أحمد استولى على هذه البقاع ، وأعلن إمارته هناك. وكان هذا الشيخ اتخذت معه لطائف الحيل ، فاستولت الحكومة على ما بيده ، وقضى على غائلته ، ووجهت ايالة اليمن إلى مصطفى بك آل بيقلي محمد باشا.
أما سليمان باشا فإنه أقام هناك مدة شهر ، نظم في خلالها أمور
__________________
(١) ابن لطيف خان. دامت حكومته من سنة ٩٤٤ ه إلى سنة ٩٦١ ه. (دول إسلامية ص ٤٨٢).