أيامُها استَظْهَرَتْ بثلاثةِ أيام تقعُد فيها للحيض ولا تُصلِّي ، ثمَّ تغتسل وتُصلِّي.
قلت : ومعنى الاستظهار في كلامهم : الاحتياط والاستيثاق ، وهو مأخوذ من الظِّهْرِيِ ، وهو ما جعلتَه عُدَّةً لحاجتك.
قال أبو عُبَيد : قال الأصمعي : البعيرُ الظِّهْرِيّ : العُدَّة للحاجة إن احتِيجَ إليه.
وجمعُه ظَهَارِيُ.
قلت : واتِّخَاذُ الظِّهْري من الدَّوَابِّ عُدَّةً للحاجة إليه احتياط ، لأنه زيادة على قَدْر حاجة صاحبِه إليه ؛ وتفسيره : الرجُل ينهض مسافِراً ويكون معه حاجَتُه من الرِّكاب لحُمُولته التي معه فيحتاط لسَفَره ، ويزدادُ بعيراً أو بعيرَين أو أكثر ـ فُرَّغاً ـ تكون مُعَدَّةً لأحمال ما انقَطَع من حُمُولته بظَلَعٍ أو آفَةٍ أو انحسارٍ ، فيقال : استَظْهر ببَعيرَين ظِهْرِيَّيْن مُحتاطاً بهما ، ثم أقيم الاستظهارُ مُقام الاحتياط في كلّ شيء.
وقيل : سُمِّيَ ذلك البعيرُ ظِهْرِيّاً ؛ لأن صاحبَه جعله وراء ظهرِه فلمْ يَرْكَبْه ولم يحْمِل عليه ، وتَركَه عُدَّةً لحاجةٍ إنْ مَسَّتْ إليه.
ومن هذا قولُ الله جلّ وعزّ حكايةً عن شُعَيب أنه قال لقومه : (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) [هُود : ٩٢] وقد مَرَّ تفسيرُه.
وفي الحديث : «فاظهرْ بِمَن معك مِن المسلمين إليها» ، أي اخرُج بهم إلى ظاهرها ، وأَبْرِزْهُم.
وفي حديث عائشة : كان يصلّي العَصْر في حُجْرَتِي قبل أن يُظْهر ، تعني الشمس : أي تعلو السُّطح ، ومنه قوله :
وإنا لنَرْجو فوقَ ذلك مَظْهرا*
يعني مَصْعَدا.
وقال الليث : الظُّهور : بُدُوُّ الشيء الخفيِّ والظُّهور : الظَّفَر بالشيء والاطّلاع عليه.
يقال : أظهر الله المسلمين على الكافرين : أي أعلاهُم عليهم ، وأظهرَني الله على ما سُرِق منِّي أي أعثرني عليه.
ويقال : ظَهر عنّي هذا العَيْبُ أي نَبَا عَنّي ولم يَعْلَقْ بي منه شيء. ومنه قول أبي ذُؤَيب الهُذَلي :
وعَيَّرها الواشُونَ أنِّي أحِبُّها |
وتِلْكَ شَكاةٌ ظاهِرٌ عنكَ عارُها |
وقيل لعبد الله بن الزُّبير : يابنَ ذات النِّطاقَين ، تعييراً له بها ، فقال متمثّلاً :
وتلك شَكاة ظاهرٌ عنك عارُها*
أراد أنّ نطاقها لا يَغُضُّ منها ولا منه ، فيُعَيَّرا به ولكنّه يرفعُه ، فيزيدُه نبلاً ويقال : وهذا أمرٌ ظاهرٌ عنك : أي ليس بلازِمٍ لك عيبُه. وقال :
وتلك شكاةٌ ظاهرٌ عنك عارُها*
وهذا أمرٌ أنت به ظاهرٌ : أي أنت قويٌّ عليه ، وهذا أمرٌ ظاهرٌ بك : أي غالِبٌ لك. وقوله :
واظْهَرْ بِبزَّتِه وَعَقْدِ لوائه*
أي افخَرْ به على غيره. وحاجتي عندَك ظاهرةٌ : إذا كانت مُطَّرحةً عنده. المْنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي قال : ظهرتُ به : أي افتخرتُ به ، وظهرتُ