غيرهم أُخِّرت إلى يوم البَعْث ، وهذا قولٌ حَسَن.
وقال ابن الأنباريُّ : سُمِّي الشهيدُ شهيداً لأنَّ الله وملائكته شَهدوا له بالجنَّة ، وقيل : سُمُّوا شُهداءَ لأنهم ممّن يستشهد يوم القيامة مع النبي صلىاللهعليهوسلم على الأمم الخالية.
قال الله جلّ وعزّ : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البَقَرَة : ١٤٣].
وقال أبو إسحاق الزّجّاج : جاء في التفسير أنّ أمم الأنبياء تكذب في الآخرة إذا سُئلوا عمَّن أُرسلوا إليهم ، فيجحَدون أنبياءهم. هذا فيمَن جَحَدَ في الدَّنيا منهم أمْرَ الرسولِ فتَشهد أمةُ مُحمد صلىاللهعليهوسلم بصدق الأنبياء عليهالسلام وتشهد عليهم بتكذيبهم ، ويشهد النبي صلىاللهعليهوسلم لهذه الأمَّة بصدقهم.
قال : والشَّهادةُ تكون للأفضل فالأفضل من أمته ، فأفضلهُم مَن قُتل في سبيل الله مُجاهِداً أعداءَ الله ، لتكون (كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا) ، مُيّزت هذه الطبقةُ عن الأمة بالفَضْل الّذي حازُوه ، وبيَّن الله أنهم (أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ، ثمّ يتلوهم في الفَضْل مَن جَعَله النبي صلىاللهعليهوسلم في عِداد الشُّهداء ، فإنّه قال : «المَبْطُونُ شهيد ، والمَطعُون شهيد».
قال : ومنهم أن تموتَ المرأةُ بِجُمْع ، وعَدّ فيهم الغَريق والميت في سبيلِ الله ، ودلّ حديث عمرَ بنِ الخطّاب أنَّ من أَنكَر مُنكَراً ، وأقام حَقّاً ولم يَخَفْ في الله لومةَ لائم أنّه في جملة الشهداء ، لقوله رضى الله عنه : «ما لَكم إذا رأيتم الرجلَ يَخْرِقُ أعراضَ الناس أن لا تُعرِبوا عليه؟! قالوا : نخاف لسانَه ، فقال : ذلك أدنى أن لا تكونوا شُهَداءَ» ، معناه والله أعلم أنكم إذا لم تُعرِبوا وتقبِّحوا قولَ من يَقترض أعراضَ المسلمين مخافةَ لسانِه لم تكونوا في جُملة الشّهداء الّذين يُستشهَدون يوم القيامة على الأمم الّتي كَذّبتْ أنبياءَها في الدّنيا وجَحدتْ تكذيبها في الدّنيا يومَ القيامة.
والشّهيد في أسماء الله وصفاته. قال أبو إسحاق : هو الأمين في شهادته ، قال : وقيل : الشّهيد : الّذي لا يَغيب عن علمه شيء.
وقال اللّيث : الشَّهْد : العَسَل ما دام لم يُعصَر من شَمعه ، ويُجمَع على الشِّهاد ، والواحدةُ : شَهْدة وشُهْدة.
قال : وشَهد فلانٌ بحقّ فهو شاهد وشهيد ، واستُشهد فلان فهو شَهيد : إذا مات شهيداً ، واستَشهَدْتُ فلاناً على فلان : أي أشهَدْته.
قال الله جلّ وعزّ : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) [البَقَرَة : ٢٨٢] ، واستَشْهَدتُ فلاناً : إذا سألتَه إقامة شهادة احتَملها.
والتشهُّد : قراءة خُطبة الصلاة : التحيّات لله والصَّلوات ، واشتقاقه من قوله : أشهدُ أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمداً عبدُه ورسوله.
والمَشهد : مَجمعٌ من الناس ، وجَمعُه المَشاهد ، وقولُ الله جلّ وعزّ : (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) [البُرُوج : ٣] قيل في التفسير : الشاهد هو النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والمشهود : يوم القيامة.