وقال الفرّاء في قوله : (وَشاهِدٍ) هو يومُ الجمعة (وَمَشْهُودٍ) هو يوم عرفة. قال : ويقال أيضاً : الشاهد : يوم القيامة ، فكأنَّه قال : واليوم الموعود والشاهد ، فجَعَل الشاهدَ من صفة الموعود يتبعه في خَفضه.
وقال اللّيث : لغةُ تميم (شِهِيد) بكسر الشين يكسرون فَعيلاً في كلّ شيء كان ثانِيَه أحدُ حرُوف الحَلْق ، وكذلك سُفلَى مُضَر ، يقولون : فِعيل. قال : ولغةٌ شَنْعاء يَكسرون كلّ فَعِيل ، والنَّصب اللّغة العالية.
ورَوى شمِر في حديث رواه لأبي أيُّوبَ الأنصاريّ أَنّه ذكر صلاةَ العصر ثم قال : ولا صلاةَ بعدَها حتّى يُرَى الشاهد ، قال : قلنا لأبي أيوب : ما الشاهد؟ قال : النجم.
قال شمر : وهذا راجعٌ إلى ما فسَّره أبو أيوب أنّه النجم ، كأَنه يَشهد على الليل.
أبو عبيد عن أبي عمرو : الشُّهود : ما يخرج على رأس الصبيّ ، واحدها شاهد ، وأنشد :
فجاءتِ بمِثْل السابريّ تَعجَّبوا |
له والثَّرَى ما جَفّ عنها شُهودُها |
وهي الأغراس.
وقال أبو بكر في قولهم : ما لِفلان رُوَاء ولا شاهد : معناه ماله مَنظر ولا لسان.
والرواء : المَنظر ، وكذلك الرِّيُّ ، قال الله : (أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً) [مريم : ٧٤].
أنشد ابن الأعرابي :
لله دَرُّ أبيك رُبَّ عَمَيدَرٍ |
حَسَنِ الرُّوَاءِ وقلبُه مَدْكوكُ |
قال : والشاهد : اللِّسان ، من قولهم : لفلانٍ شاهدٌ حَسَن : أي عبارة جميلة.
بخطّ شَمِر : قال الفراء وغيره : صلاةُ الشاهد صلاةُ المغرب ، وهو اسمُها. قال شَمِر : وهو راجعٌ إلى ما فَسَّر أبو أيوبَ أنّه النجم.
وقال غيره : وتُسمَّى هذه الصلاة صلاةَ البَصَر ، لأنه يُبصَر في وقته نجومُ السماء ، فالبَصَر يُدرِك رؤيةَ النَّجم ، ولذلك قيل له : صلاة البَصَر.
عمرو ، عن أبيه : أَشْهَد الغلامُ : إذا أَمَذَى وأَدْرَك ، وأَشْهَدَت الجارية : إذا حاضَت وأَدْرَكَتْ ، وأنشد :
قامت تُناجِي عامراً فأَشهَدَا |
فَداسَها ليلتَه حتى اغتَدَى |
وقال الكسائيّ : أُشهِدَ الرجلُ : إذا استُششْهِد في سبيلِ الله ، فهو مُشهَد بفتح الهاء. وأنشد :
إني أقول سأموت مُشْهَدا*
ويقال للشاهد : شَهِيد ، ويُجمَع شُهَدَاء.
وقال غيره : أشهدتُ الرجلَ على إقرار الغَريم ، واستشهدتُه ، بمعنًى واحد ، ومنه قولُ الله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) [البَقَرَة : ٢٨٢] أي أَشْهِدوا شاهدين ، يقال للشاهد : شهيد ، ويُجمَعُ شهداء.
وقال أبو سعيد الضَّرير : صلاة المغرب تسمّى شاهداً لاستواء المُسافِر والمقيم فيها ، لأنها لا تُقصَر.