ووضوح الرؤية أمام هذا الاتجاه المدرسى جعلت أصحابه لا يأخذون برأى بعينه وإنما يوازنون ويختارون ما يتمشى مع المنهجية التى يسيرون عليها مع براعة فى التوجيه وشق طريق لم يسبق وإن ما نراه اليوم فى النحو التحويلى التوليدى والذى تعزى نظريته إلى اللغوى الأمريكى أفرام نوم تشومسكى chomsky Noam Avram والتى ترى أن هناك تراكيب أساسية تشترك فيها اللغات الإنسانية وأن دور النحو التحويلى تحويل التراكيب الأساسية Structures Deep إلى تراكيب منطوقة (سطحية Structures SurFace (وإن قوانين التركيب الباطنى قائمة على تحليل الجملة إلى عناصر مختلفة ثم تحليل كل عنصر من هذه العناصر إلى عناصر فرعية حتى يتم تفتيت الجملة إلى أصغر ما يمكن أن يكون نجده قائما فى تحليل الجمل والتراكيب فى أعمال هذه المدرسة.
بل إن ما يذهب إليه اللغويون المحدثون بشأن الجملة وأقسامها نجده فى أعمال هذه المدرسة أعمق.
فمثلا
نجد عندهم تفريقا بين مفهوم الجملة ومفهوم الكلام (١) على النحو الآتى :
فحقيقة الجملة اللفظ المركب المشتمل على إسناد أصلى سواء أفاد فائدة يحسن السكوت عليها أم لا.
والفائدة التى يحسن السكوت عليها تستفاد من المبتدأ وخبره ومن الفعل وفاعله.
فالكلام عندهم هو :
اللفظ المركب المشتمل على مسند ومسند إليه ونسبة بينهما مقصودة لذاتها المفيد فائدة يحسن سكوت المتكلم عليها بحيث يعده السامع حسنا فيكتفى به ولا ينتظر شيئا آخر انتظارا تاما (لاحتوائه على المسند والمسند إليه والنسبة بينهما المقصودة لذاتها) ، نحو: العلم نافع ،
أما الجملة : فهى ، إن كان اللفظ مركبا مشتملا على الإسناد الأصلى ولكن غير
__________________
(١) مما تجدر الإشارة إليه أن التفرقة بين الكلام واللغة ظهرت حديثا على يد فرديناند دى سوسيير حيث فرق بين الكلام وهو ما يصدر عن المتكلم وبين اللغة وهى لغة جماعة المتكلمين سواء كانت العربية أو الانجليزية أو غيرهما وبين اللغة كظاهرة إنسانية توجد فى كل الجماعات وتحمل سمات مشتركة وخصائص عامة تشترك فيها كل لغات البشر.