ألفاظ القصيدة لا تشابه ألفاظ القدماء فقد عبّرت عن الخليل خير تعبير وتساوقت مع أشعاره الأخرى في ألفاظها ومعانيها.
أما انتحال خلف للشعر الذي أشار إليه المؤرخون ، فربما قد تمّ لفترة محدودة في مقتبل حياته. أقلع عن ذلك وتنسّك وأعلن عن كل شيء انتحله ولنقرأ هذا النص المنقول عن أبي الطيب اللغوي حيث يقول (١) : «كان خلف الأحمر يصنع الشعر وينسبه إلى العرب فلا يعرف ثم نسك وكان يختم القرآن كل يوم وليلة ، وبذل له بعض الملوك العظماء مالا على أن يتكلم في بيت شعر شكّوا فيه فأبى ذلك وقال : قد مضى لي فيه ما لا أحتاج أن أزيد عليه. وكان قد قرأ أهل الكوفة عليه أشعارهم فكانوا يقصدونه لما مات حمّاد الراوية ، فلما نسك خرج إلى أهل الكوفة يعرفهم الأشعار التي أدخلها في أشعار الناس».
إن تنسكه وختمه القرآن كل يوم وليلة ورفضه لعرض بعض الملوك وإصراره على إخبار الناس بما انتحله لتوبة صادقة ، وصارت بعد ذلك حياته أقرب إلى الثقة منه الى الانتحال ، لهذا يبقى ما ورد في كتابه «مقدمة في النحو» عن نسبة المنظومة النحوية الى الخليل بن أحمد يقينا حسبما ورد في الكتاب ، إذ لو كانت القصيدة ليست للخليل لكان أعلن ذلك للناس أو حذفها من كتابه ، لأنه كان يشير إلى المنحول المسموع فما بالنا بالمكتوب لديه ، ولا أظن أن كتابه قد اشتهر وخرج إلى الناس في حياته ، ولو كان ذلك قد تم لكان قد أعلن انتحال هذه المنظومة على الخليل ، إن الانتحال في رأيي لا يكون في نسبة قصيدة نحوية لصاحبها ولا أظن أن في الأمر شيئا آخر غير الحقيقة في هذه النسبة. (٢)
__________________
(١) الأعلام ٢ / ٣١٠ ، وانظر الوافي بالوفيات ١٣ / ٣٥٣.
(٢) الوافي بالوفيات ١٣ / ٣٥٥.