مصر بعد استيلائهم عليها كوكلاء لموسى عليهالسلام ، وسار القسم الأعظم إلى فلسطين.
ولمزيد من الإيضاح حول هذا الكلام انظر ذيل الآية (٥٩) من سورة الشعراء.
وتقول الآية الأخيرة من هذه الآيات (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ).
إنّ عدم بكاء السماء والأرض ربّما كان كناية عن حقارتهم ، وعدم وجود ولي ولا نصير لهم ليحزن عليهم ويبكيهم ، ومن المتعارف بين العرب أنّهم إذا أرادوا تبيان أهمية مكانة الميت ، يقولون : بكت عليه السماء والأرض ، وأظلمت الشمس والقمر لفقده.
واحتمل أيضا أنّ المراد بكاء أهل السماوات والأرض ، لأنّهم يبكون المؤمنين المقربين عند الله ، لا الجبابرة والطواغيت وأمثاله.
وقال البعض : إنّ بكاء السماء والأرض بكاء حقيقي ، حيث تظهر احمرارا خاصا غير احمرار الغروب والطلوع ، كما نقرأ في رواية : «لما قتل الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام بكت السماء عليه ، وبكاؤها حمرة أطرافها» (١).
وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عليهالسلام : «بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي (عليهماالسلام) أربعين صباحا ، ولم تبك إلّا عليهما» قلت : وما بكاؤها؟ قال : «كانت تطلع حمراء ، وتغيب حمراء» (٢).
غير أننا نقرأ في حديث روي عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما من مؤمن إلّا وله باب يصعد منه عمله ، وباب ينزل منه رزقه ، فإذا مات بكيا عليه» (٣).
ولا منافاة بين هذه الرّوايات ، حيث كان لشهادة الحسين عليهالسلام ويحيى بن زكريا عليهالسلام صفة العموم في كلّ السماء ، ولما ورد في الرّوايات الأخيرة صفة
__________________
(١) مجمع البيان ، المجلد ٩ ، صفحة ٦٥ ذيل الآية مورد البحث.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.