عمران ، وكذلك في الحواميم.
يقول المرحوم الطبرسي في بداية هذه السورة : إنّ أحسن ما يقال هو أنّ (حم) اسم هذه السورة. ثمّ ينقل عن بعض المفسّرين ، أنّ تسمية هذه السورة بـ (حم) للإشارة إلى أنّ هذا القرآن المعجز بتمامه يتكون من حروف الألف باء.
نعم ، إنّ كتاب النور والهداية والإرشاد وحل المعضلات ومعجزة نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم الخالدة هذا ، يتركب من هذه الحروف البسيطة ، وغاية العظمة أن يتكون أمر بهذه الأهمية من هذه الحروف السهلة البسيطة.
وربّما كان هذا هو السبب في أن تتحدث الآية التالية عن عظمة القرآن مباشرة فتقول : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (١).
«العزيز» هو القوي الذي لا يقهر ، و «الحكيم» هو العارف بأسرار كلّ شيء ، وتقوم كل أفعاله على أساس الحكمة والدقة ، ومن الواضح أنّ الحكمة التامة والقوّة اللامحدودة من لوازم تنزيل مثل هذا الكتاب العظيم ، وهما غير موجودتين إلّا في الله العزيز المتعال.
والطريف أنّ هذه الآية قد وردت على هذه الهيئة في بداية أربع سور من القرآن الكريم ، ثلاث منها من الحواميم ـ وهي المؤمن والجاثية والأحقاف ـ والأخرى من غير الحواميم ، وهي سورة الزمر. وهذا التكرار والتأكيد يهدف إلى جلب انتباه الجميع إلى عمق أسرار القرآن وعظمة محتواه ، لئلا ينظروا ببساطة وعدم تدبر إلى أية عبارة أو تعبير من تعابيره ، ولئلا يظنوا أنّ هذه الكلمة أو تلك لا محل لها ولا فائدة من ذكرها ، لكي لا يقنعوا بحدّ معين من فهمه وإدراكه ، بل ينبغي أن يكونوا في سعي دؤوب للتوصل إلى أعمق ممّا أدركوه.
__________________
(١) (تنزيل الكتاب) خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : (هذا تنزيل الكتاب) ، ثمّ إنّ (تنزيل) مصدر جاء هنا بمعنى اسم المفعول ، وهو من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة ، وتقدير الكلام : هذا كتاب منزل ...