الباطل فأحاط بك عذاب الله تعالى فإنّهم عاجزون عن أن يهبوا لنجدتك وإنقاذك ، ولو أنّ الله سبحانه سلب منك نعمة فإنّهم غير قادرين على إرجاعها إليك.
ومع أنّ الخطاب في هذه الآيات موجه إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا أنّ المراد منه جميع المؤمنين.
ثمّ تضيف الآية : (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) فكلهم من جنس واحد ، ويسلكون نفس المسير ، ونسجهم واحد ، وكلهم ضعفاء عاجزون.
لكن لا تذهب بك الظنون بأنك وحيد ، ومن معك قليل ولا ناصر لكم ولا معين ، بل : (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ).
صحيح أنّ جمع هؤلاء عظيم في الظاهر ، وفي أيديهم الأموال الطائلة والإمكانيات الهائلة ، لكن كلّ ذلك لا يعتبر إلّا ذرة عديمة القيمة إزاء قدرة الله التي لا تقهر ، وخزائنه التي لا تفنى.
وكتأكيد لما مرّ ، ودعوة إلى اتباع دين الله القويم ، تقول آخر آية من هذه الآيات : (هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
«البصائر» جمع بصيرة ، وهي النظر ، ومع أنّ هذه اللفظة أكثر ما تستعمل في وجهات النظر الفكرية والنظريات العقلية ، إلّا أنّها تطلق على كلّ الأمور التي هي أساس فهم المعاني وإدراكها.
والطريف أنّها تقول : إنّ هذا القرآن والشريعة بصائر ، أي عين البصيرة ، ثمّ أنّها ليست ، بصيرة ، بل بصائر ، ولا تقتصر على بعد واحد ، بل تعطي الإنسان الأفكار والنظريات الصحيحة في كافة مجالات حياته.
وقد ورد نظير هذا التعبير في آيات أخرى من القرآن الكريم ، كالآية (١٠٤) من سورة الأنعام ، حيث تقول : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ).
وقد طرحت هنا في هذه الآية ثلاثة مواضيع : البصائر والهدى والرحمة ، وهي حسب التسلسل علة ومعلول لبعضها البعض ، فإنّ الآيات الواضحة والشريعة