أمير المؤمنين عليهالسلام في جوانب العلم والعمل ، والعدالة والتقوى ، وخاصّة في العصور المظلمة الحالكة ، أمر لا يمكن تحققه بدون الاستقامة ، وبناء على هذا فإنّه يعد أحد مصاديق الواضحة للآية مورد البحث ، لا أنّ معناها منحصر به ، بحيث لا تشمل الاستقامة في الجهاد وطاعة الله سبحانه ، ومحاربة هوى النفس والشيطان.
وقد أوردنا شرحا مفصلا حول مسألة الاستقامة في ذيل الآية (٣٠) من سورة فصلت (١).
وتبشر آخر آية من هذه الآيات الموحدين المحسنين بأهم بشارة وأثمنها ، فتقول : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
إنّ ظاهر الآية يعطي مفهوم الحصر ، كما استفاد ذلك البعض ، أي أنّ أصحاب الجنّة هم أهل التوحيد والاستقامة فقط ، أمّا الذين ارتكبوا المعاصي منهم ، فإنّهم وإن كانوا في النتيجة من أصحاب الجنّة ، إلّا أنّهم ليسوا من أصحابها منذ بداية الأمر.
التعبير بـ «الأصحاب» إشارة إلى اجتماعهم الدائم وتنعمهم الخالد بنعم الجنّة.
وتعبير : (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) يدل من جهة على أنّ الجنّة لا تمنح مجانا ، بل إنّ لها تمنا يجب أن يؤدى ، ويشير من جهة أخرى إلى أصل حرية الإنسان واختياره.
* * *
__________________
(١) راجع التّفسير الأمثل ، سورة فصلت ، الآية ٣٠.