وبابل (١).
ونقل عن الطبري أنّ الأحقاف اسم جبل في الشام (٢).
لكن يبدو أنّ القول بأنّ هذه المنطقة تقع جنوب الجزيرة العربية قرب أرض اليمن ، هو الأقرب ، بملاحظة ملاءمته المعنى اللغوي للأحقاف ، وبملاحظة أنّ أرضهم كانت غزيرة المياه وفيرة الأشجار ، في نفس الوقت الذي لم تكن فيه بمأمن من العواصف الرملية.
وجملة : (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) إشارة إلى الأنبياء الذين بعثوا قبله ، بعضهم قريب عهد به ، وهم الذين عبّر عنهم القرآن بـ (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) والبعض الآخر تقادمت الفترة الزمنية بينهم وبينه الذين عبّر عنهم بـ (مِنْ خَلْفِهِ).
أمّا ما احتمله البعض من أنّ المراد من هذه الجملة الأنبياء الذين جاؤوا قبل هود وبعده ، فيبدو بعيدا جدّا ، ولا ينسجم مع جملة : (وَقَدْ خَلَتِ) التي تعني الزمن الماضي.
ولنر الآن ماذا كان محتوى دعوة هذا النّبي العظيم؟
يقول القرآن الكريم : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) ثمّ هدّدهم بقوله : (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
وبالرغم من أنّ التعبير بـ (يَوْمٍ عَظِيمٍ) جاء بمعنى يوم القيامة غالبا ، إلّا أنّه أطلق أحيانا في آيات القرآن على الأيّام القاسية المرعبة التي مرّت على الأمم ، وهذا المعنى هو المراد هنا ، لأنّنا نقرأ في متابعة هذه الآيات أنّ قوم عاد قد ابتلوا بعذاب الله في يوم عسر مرعب وانتهى أمرهم.
إلّا أنّ هؤلاء القوم المتمردين وقفوا بوجه هذه الدعوة الإلهية ، وخاطبوا هودا :
__________________
(١) طبقا لنقل المرحوم الشعراني في هامش تفسير أبي الفتوح الرازي ، المجلد ١٠ ، صفحة ١٦٥.
(٢) المصدر السابق.