يقول القرآن الكريم : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) (١).
وفسّر البعض «الباطل» بالشيطان ، وآخرون بالعبثية ، لكن كما قلنا ، فإنّ للباطل معنى واسعا يشمل هذين التّفسيرين وغيرهما.
وتضيف الآية في النهاية : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ) أي : كما أنّه سبحانه قد بيّن الخطوط العامّة لحياة المؤمنين والكفار ، وعقائدهم وبرامجهم العملية ونتائج أعمالهم في هذه الآيات ، فإنّه يوضح مصير حياتهم وعواقب أعمالهم.
يقول الراغب في مفرداته : المثل عبارة عن قول يشبه قولا في شيء آخر بينهما مشابهة يبيّن أحدهما الآخر.
ويستفاد من كلام آخر له أنّ هذه الكلمة تستعمل أحيانا بمعنى «المشابهة» ، وأحيانا بمعنى «الوصف».
والظاهر أنّ المراد في هذه الآية هو المعنى الثاني ، أي إنّ الله سبحانه يصف حال الناس هكذا ، كما مثّل الجنّة في الآية (١٥) من سورة محمّد : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ).
وعلى أية حال ، فالذي يستفاد من هذه الآية جيدا ، أنّنا كلما اقتربنا من الحق اقتربنا من الإيمان ، وسنكون أبعد عن حقيقة الإيمان وأقرب إلى الكفر بتلك النسبة التي تميل بها أعمالنا نحو الباطل ، فإنّ أساسي الإيمان والكفر هما الحق والباطل.
* * *
__________________
(١) سورة ص ، الآية ٢٧.