أمية الذين لم يرحموا صغيرا ولا كبيرا ، بل سفكوا دماء الجميع حتى أقاربهم لمّا تسلّموا زمام الحكم (١).
من المعلوم أنّ بني أمية جميعا ، ابتداء من أبي سفيان إلى أبنائه وأحفاده ، كانوا مصداقا واضحا لهذه الآية ، وهذا هو المراد من الرواية ، إذ أنّ للآية معنى واسعا يشمل كلّ المنافقين الظالمين والمفسدين.
وتوضح الآية التالية المصير النهائي لهؤلاء القوم المنافقين المفسدين المتذرّعين بأوهى الحجج فتقول : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ).
إنّ هؤلاء يظنّون أنّ الجهاد الإسلامي القائم على أساس الحق والعدالة ، قطيعة للرحم ، وفسادا في الأرض ، أمّا كلّ الجرائم التي ارتكبوها في الجاهلية ، والدماء البريئة التي سفكوها أيّام تسلطهم ، والأطفال الأبرياء الذين وأدوهم ودفنوهم وهم أحياء يستغيثون ، كانت قائمة على أساس الحق والعدل! لعنهم الله إذ لا أذن واعية لهم ، ولا عين ناظرة بصيرة!
ونقرأ في رواية عن الإمام علي بن الحسين ، أنّه قال لولده الإمام الباقر عليهالسلام : «إيّاك ومصاحبة القاطع لرحمه ، فإنّي وجدته ملعونا في كتاب الله عزوجل في ثلاثة مواضع ، قال الله عزوجل : فهل عسيتم ...» (٢).
«الرحم» في الأصل محل استقرار الجنين في بطن أمّه ، ثمّ أطلق هذا التعبير على كل الأقرباء ، لأنّهم نشأوا وولدوا من رحم واحد.
وجاء في حديث آخر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ثلاثة لا يدخلون الجنّة : مدمن خمر ، ومدمن سحر ، وقاطع رحم» (٣).
__________________
(١) راجع : نور الثقلين ، المجلد ٥ ، صفحة ٤٠.
(٢) أصول الكافي ، المجلد ٢ ، باب «من تكره مجالسته» ، الحديث ٧. أمّا الآيتان اللتان وردتا في بقية الحديث فإحداهما الآية (٢٥) من سورة الرعد ، والأخرى الآية (٢٧) من سورة البقرة ، وقد ورد اللعن في إحداهما صريحا ، وفي الأخرى كناية وتلميحا.
(٣) التّفسير الأمثل ذيل الآية (٧٧) من سورة المائدة (نقلا عن الخصال).