تقييمهم للبشر هو المال والثروة والمقام الظاهري والشهرة.
إنّ صغار العقول هؤلاء كانوا يتصوّرون أنّ الأثرياء ، وزعماء قبائلهم الظلمة هم أقرب الناس إلى الله سبحانه ، ولذلك فإنّهم كانوا يتعجبون لماذا لم تنزل موهبة النبوّة والرحمة الإلهيّة العظيمة هذه على رجل من قبيل هؤلاء الأفراد ونزلت على يتيم فقير خالي اليد اسمه محمّد! إن هذا لشيء عجاب لا يكاد يصدق!
نعم ، إنّ نظام القيم الخاطئ يستتبع مثل هذا الاستنباط ، وهذا هو السبب في بلاء المجتمعات البشرية العظيم ، والعامل الأساس في انحرافها الفكري ، حيث تقلب الحقائق تماما في بعض الأحيان.
إنّ حامل هذه الدعوة الإلهيّة يجب أن يكون إنسانا تغمر وجوده روح التقوى ..
أن يكون إنسانا واعيا ، ذا إرادة وتصميم ، شجاعا عادلا ، عارفا بآلام المحرومين والمظلومين ، ذائقا لمرارتها ...
هذه هي القيم التي يلزم توفّرها من أجل حمل هذه الرسالة السماويّة ، لا الألبسة الفاخرة الجميلة ، والقصور الفخمة الفارهة المزيّنة بأنواع الزينة والزخارف ، خاصّة وإن أيّا من أنبياء الله لم يكن متمتعا بهذه الصفات والمزايا المادية ، لئلّا تشتبه القيم الأصيلة بالقيم المزيّفة.
وللمفسّرين أقوال في مراد المشركين من الرجل في مكّة والطائف؟ إلّا أنّ أغلبهم اعتبروا «الوليد بن المغيرة» رجل مكّة ، و «عروة بن مسعود الثقفي» رجل الطائف ، وإن كان البعض قد ذكر أن عتبة بن ربيعة من مكّة ، وحبيب بن عمر الثقفي من الطائف.
إلّا أنّ الظاهر أن قول أولئك المشركين لم يكن يدور حول شخص معين ، بل كان هدفهم الإشارة إلى أحد الأثرياء المعروفين ، وله عشيرة مشهورة.
ويردّ القرآن الكريم بأجوبة قاطعة على هذا النمط من التفكير المتسافل الخرافي ، ويجسد النظرة الإلهيّة الإسلاميّة تماما ، فيقول أوّلا : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ