إنّما هو جهلكم الذي دعاكم إلى هذا التصور والاعتقاد!
أجل (بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً).
وأقصى من هذا فهو خبير بأسراركم ونيّاتكم وهو يعلم جيدا أنّ هذه الحيل والحجج الواهية لا صحة لها ولا واقعيّة .. والواقع هو أنّكم متردّدون ضعيفو الإيمان. وهذه الأعذار لا تخفى على الله ولا تحول دون عقابكم أبدا!
الطريف هنا أنّه يستفاد من لحن الآيات ومن التواريخ أيضا أنّ هذه الآيات نزلت عند عودة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة ، أي أنّها قبل مجيء المخلّفين للاعتذار إليه ـ أماطت اللثام عنهم وكشفت الستار وفضحتهم!.
ومن أجل أن ينجلي الأمر ويتّضح الواقع أكثر يميط القرآن جميع الأستار فيقول : (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً).
أجل ، إنّ السبب في عدم مشاركتكم النّبي وأصحابه في هذا السفر التاريخي لم يكن هو كما زعمتم ـ انشغالكم بأموالكم وأهليكم ـ بل العامل الأساس هو سوء ظنّكم بالله ، وكنتم تتصوّرون خطأ أنّ هذا السفر هو السفر الأخير للنبي وأصحابه وينبغي الاجتناب عنه!
وما ذلك إلّا ما وسوست به أنفسكم (وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ).
لأنّكم تخيّلتم أنّ الله أرسل نبيّه في هذا السفر وأودعه في قبضة أعدائه ولن يخلصه ويحميه عنهم! (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) ـ أي هالكين ـ في نهاية الأمر!.
وأي هلاك أشدّ وأسوأ من عدم مشاركتهم في هذا السفر التأريخي وبيعة الرضوان وحرمانهم من المفاخر الأخر ... ثمّ الفضيحة الكبرى ... وبعد هذا كله ينتظرهم العذاب الشديد في الآخرة ، أجل لقد كان لكم قلوب ميتة فابتليتم بمثل هذه العاقبة!.
وحيث أنّ هؤلاء الناس ـ ضعاف الإيمان ـ أو المنافقين هم أناس جبناء