أن لا يقصّروا في قتالهم المشركين وأن لا يولّوا أدبارهم من ساحات القتال (١).
فبلغ صدى هذه البيعة مكّة واضطربت قريش من ذلك بشدّة وأطلقوا عثمان.
وكما نعرف فإنّ هذه البيعة عرفت ببيعة الرضوان وقد أفزعت المشركين وكانت منعطفا في تاريخ الإسلام.
فالآيتان محل البحث تتحدّثان عن هذه القصة فتقول الأولى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ).
والهدف من هذه البيعة الانسجام أكثر فأكثر بين القوى وتقوية المعنويات وتجديد التعبئة العسكرية ومعرفة الأفكار واختبار ميزان التضحية من قبل المخلصين الأوفياء!
وهذه البيعة أعطت روحا جديدا في المسلمين لأنّهم أعطوا أيديهم إلى النبي وأظهروا وفاءهم من أعماق قلوبهم.
فأعطى الله هؤلاء المؤمنين المضحّين والمؤثرين على أنفسهم نفس رسول الله في هذه اللحظة الحسّاسة والذين بايعوه تحت الشجرة أعطاهم أربعة أجور ، ومن أهمّ تلك الأجور والاثابات الأجر العظيم وهو «رضوانه» كما عبّرت عنه الآية (٧٢) من سورة التوبة (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ...) أيضا.
ثمّ تضيف الآية قائلة : (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ).
سكينة واطمئنانا لا حدّ لهما ، وهم بين سيل الأعداء في نقطة بعيدة عن الأهل والديار والعدو مدجّج بالسلاح ، في حين أن المسلمين عزّل من السلاح «لأنّهم جاؤوا بقصد العمرة لا من أجل المعركة» فوقفوا كالجبل الأشم لم يجد الخوف طريقا إلى قلوبهم!.
وهذا هو الأجر الثّاني والموهبة الإلهية الأخرى ، وأساسا فإنّ الألطاف الخاصة والإمدادات الإلهية تشمل حال المخلصين والصادقين.
__________________
(١) مجمع البيان ذيل الآيات محل البحث.