الأول : عدم التقدّم على الله ورسوله وعدم رفع الصوت عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ...
فتقول الآية الأولى في هذا الصدد : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
والمراد من عدم التقديم بين يدي الله ورسوله هو أن لا يقترح عليهما في الأمور ، وترك العجلة والإسراع أمام أمر الله ورسوله ...
وبالرغم من أنّ بعض المفسّرين أرادوا أن يحدّدوا مفهوم الآية وجعلوه منحصرا بأداء العبادات قبل وقتها ، أو التكلّم قبل كلام رسول الله وأمثال ذلك ، إلّا أنّه من الواضح أنّ للآية مفهوما واسعا يشمل أي تقدّم وإسراع في كلّ خطّة ومنهج (١).
إنّ مسئولية انضباط السائرين إزاء القادة وخاصة إزاء القادة الإلهيين تقتضي ألّا يتقدّموا عليهم في أي عمل وقول ولا يعجل أحد عندهم.
وبالطبع فإنّ هذا الكلام لا يعني بأنّه لا يجوز لهم أن يتشاوروا مع النّبي إذا كان لديهم شيء يجدر بيانه ، بل المراد منه إلّا يعجلوا ويبادروا بالتصميم قبل أن يوافق النّبي على ذلك! حتى أنّه لا ينبغي أن تثار أسئلة ومناقشات أكثر ممّا يلزم في شأن المسائل ، بل ينبغي أن يترك الأمر للقائد نفسه أن يبيّن المسائل في حينها ، لا سيما إذا كان القائد معصوما الذي لا يغفل عن أي شيء! كما أنّه لو سئل المعصوم أيضا ، لا يحقّ للآخرين أن يجيبوا السائل قبل أن يردّ عليه المعصوم ، وفي الحقيقة أنّ الآية جمعت كلّ هذه المعاني في طيّها.
والآية الثانية تشير إلى الأمر الثّاني فتقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ
__________________
(١) ورد الفعل «لا تقدموا» على صيغة الفعل المتعدي إلا أن المفعول محذوف هنا وتقديره : لا تقدموا أمرا بين يدي الله ورسوله وقد احتمل بعضهم أن هذا الفعل لازم هنا ومفهومه لا تتقدموا بين يدي الله وبالرغم من أن الفعلين مختلفان شكلا إلا أن المعنى أو النتيجة واحدة ..