الصلاة ثمّ ينظر إلى الأرض مطرقا برأسه «لا يرفعه» (١).
وفي ما يخص النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان هذا الموضوع ذا أهمية أيضا إذ صرّح القرآن في آياته بالإعراض عن اللغو عنده وعدم رفع الصوت والصخب ، فكلّ ذلك موجب للحبط في الأعمال واضمحلال الثواب.
وواضح أنّه لا تكفي رعاية هذه المسألة الخلقيّة عند النّبي فحسب ، بل هناك أمور أخرى ينبغي مراعاتها في حضوره ، وكما يعبّر الفقهاء ينبغي إلغاء الخصوصية هنا وتنقيح المناط بما سبق أشباهه ونظائره!
ونقرأ في سورة النور الآية (٦٣) منها : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ...) وقد فسّرها جماعة من المفسّرين بأنّه «عند ما تنادون النّبي فنادوه بأدب واحترام يليقان به لا كما ينادي بعضكم بعضا» ...
الطريف هنا أنّ القرآن عدّ أولئك الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله ويراعون الأدب بأنّهم مطهّرو القلوب وهم مهيّئون للتقوى ، وجديرون بالمغفرة والأجر العظيم ... في حين أنّه يعدّ الذين ينادونه من وراء الحجرات ويسيئون الأدب عنده ـ كالأنعام ـ أكثرهم لا يعقلون.
حتى أنّ بعض المفسّرين توسّعوا في الآيات محل البحث وجعلوا لها مراحل أدنى أيضا بحيث تشمل المفكّرين والعلماء والقادة من المسلمين ، فوظيفة المسلمين أن يراعوا الآداب بين أيديهم ...
وبالطبع فإنّ هذه المسألة أكثر وضوحا في شأن الأئمة أولي العصمة ، حتى أنّه بلغنا بعض الروايات الواردة عن أهل البيت أنّه «حين دخل أحد الأصحاب على الإمام بادره الإمام دون مقدّمة : أما تعلم أنّه لا ينبغي للجنب أن يدخل بيوت الأنبياء» (٢).
__________________
(١) راجع تفسير مجمع البيان وتفسير الفخر الرازي ، ذيل الآية ٢ سورة المؤمنون.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٢٧ ، ص ٢٥٥.