بنو المصطلق أنّ مبعوث الرّسول قادم إليهم سرّوا كثيرا وهرعوا لاستقباله ، إلّا أنّ الوليد حيث كانت له خصومة معهم في زمان الجاهلية ، شديدة ، تصوّر أنّهم يريدون قتله.
فرجع إلى النّبي «ومن دون أن يتحقّق في الأمر» وقال : يا رسول الله إنّهم امتنوا عن دفع الزكاة «ونعرف أنّ عدم دفع الزكاة هو نوع من الوقوف بوجه الحكومة الإسلامية فبناء على ذلك فإنّ مدّعى الوليد يقتضي أنّهم مرتدّون»!!
فغضب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لذلك وصمّم على أن يقاتلهم فنزلت الآية آنفة الذكر (١) ...
وأضاف بعضهم أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حين أخبره الوليد بن عقبة بارتداد قبيلة (بني المصطلق) أمر خالد بن الوليد بن المغيرة أن يمضي نحوها وأن لا يقوم بعمل حتى يتريث ويعرف الحقّ ...
فمضى خالد ليلا وصار قريبا من قبيلة بني المصطلق وبعث عيونه ليستقصوا الخبر فعادوا إليه وأخبروا بأنّهم مسلمون «أوفياء لدينهم» وسمعوا منهم صوت الآذان والصلاة ، فغدا خالد عليهم في الصباح بنفسه فوجد ما قاله أصحابه صدقا فعاد إلى النّبي وأخبره بما رأى فنزلت الآية آنفة الذكر ، وعقّب النّبي عليها ... «التأنّي من الله والعجلة من الشيطان» (٢).
وذكر بعض المفسّرين قولا آخر في شأن نزول الآية وعوّلوا عليه فحسب ، وهو أنّ الآية نزلت في «مارية القبطية» زوج النّبي وأم إبراهيم عليهالسلام ، لأنّه قيل للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ لها ابن عمّ «يدعى جريحا» تتردّد إليه أحيانا «وبينهما علاقة غير مشروعة» فأرسل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خلف علي عليهالسلام فقال له «يا أخي خذ السيف فإن وجدته عندها فاضرب عنقه ...»
فأخذ أمير المؤمنين السيف ثمّ قال بأبي أنت وأمي يا رسول الله : أكون في أمرك
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ١٣٢.
(٢) القرطبي ، ج ٩ ، ص ٦١٣١.