«الوليد» بارتداد طائفة «بني المصطلق» ... ألحّ جماعة من المسلمين البسطاء السذّج ذوي النظرة السطحية على الرّسول أن يقاتل الطائفة آنفة الذكر ...
فالقرآن يقول : من حسن حظّكم أنّ فيكم رسول الله وهو مرتبط بعالم الوحي فمتى ما بدت فيكم بوادر الانحراف فسيقوم بإرشادكم عن هذا الطريق ، فلا تتوقّعوا أن يطيعكم ويتعلّم منكم ولا تصرّوا وتلحّوا عليه ، فإنّ ذلك فيه عنت لكم وليس من مصلحتكم ...
ويشير القرآن معقّبا في الآية إلى موهبة عظيمة أخرى من مواهب الله سبحانه فيقول : (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ).
وفي الحقيقة أنّ هذه التعابير إشارة لطيفة إلى قانون اللطف أي «اللطف التكويني».
وتوضيح ذلك أنّه حين يريد الشخص الحكيم أن يحقّق أمرا فإنّه يوفّر له جميع ما يلائمه من كلّ جهة ويصدق هذا الأصل في شأن الناس تماما ...
فالله يريد أن يطوي الناس جميعا طريق الحق دون أن يقعوا تحت تأثير الإجبار بل برغبتهم وإرادتهم ، ولذا يرسل إليهم الرسل والكتب السماوية من جهة ، ويحبّب إليهم الإيمان من جهة أخرى ، ويضري شعلة العشق نحو طلب الحق والبحث عنه في داخل النفوس ويكرّه إليها الكفر والفسوق والعصيان ...
وهكذا فإنّ كلّ إنسان مفطور على حبّ الإيمان والطهّارة والتقوى ، والبراءة من الكفر والذنب.
إلّا أنّه من الممكن أن يتلوّث ماء المعنويات المنصبّ في وجود الناس في المراحل المتتالية وذلك نتيجة للاختلاط بالمحيطات الموبوءة فيفقد صفاءه ويكتسب رائحة الذنب والكفر والعصيان ...
هذه الموهبة الفطرية تدعو الناس إلى إتباع رسول الله وعدم التقدّم بين يديه.