والطعن في الآخرين ، وفسّر بعضهم الفرق بين «الهمز» و «اللمز» بأنّ «اللمز» عدّ عيوب الناس بحضورهم ، و «الهمز» ذكر عيوبهم في غيابهم ، كما قيل أنّ «اللمز» تتبّع العيوب بالعين والإشارة في حين أنّ «الهمز» هو ذكر العيوب باللسان «وسيأتي تفصل هذا الموضوع بإذن الله في تفسير سورة الهمزة» ...
الطريف أنّ القرآن في تعبير «بأنفسكم» يشير إلى وحدة المؤمنين وأنّهم نسيج واحد ، ويبيّن هنا بأنّ جميع المؤمنين بمثابة النفس الواحدة فمن عاب غيره فإنما عاب نفسه في الواقع!.
وتضيف الآية في المرحلة الثالثة أيضا قائلة : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ).
هناك الكثير من الأفراد الحمقى قديما وحديثا ، ماضيا وحاضرا مولعون بالتراشق بالألفاظ القبيحة ، ومن هذا المنطلق فهم يحقّرون الآخرين ويدمّرون شخصياتهم وربما انتقموا منهم أحيانا عن هذا الطريق وقد يتّفق أنّ شخصا كان يعمل المنكرات سابقا ، ثمّ تاب وأناب وأخلص قلبه لله ، ولكن مع ذلك نراهم يرشقونه بلقب مبتذل كاشف عن ماضيه!
الإسلام نهى عن هذه الأمور بصراحة ومنع من إطلاق أي اسم أو لقب غير مرغوب فيه يكون مدعاة لتحقير المسلم ...
ونقرأ في بعض الأحاديث أنّ «صفية بنت حيي بن أخطب» المرأة اليهودية التي أسلمت بعد فتح خيبر وأصبحت زوجة النّبي ـ جاءت صفية يوما إلى النّبي وهي باكية العين فسألها النّبي عن سبب بكائها فقالت : إنّ عائشة توبّخني وتقول لي يا ابنة اليهودي ، فقال لها النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : فلم لا قلت لها : أبي هارون وعمّي موسى وزوجي محمّد فكان أن نزلت هذه الآية ـ محل البحث ـ (١).
ولذلك فإنّ الآية تضيف قائلة : (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) أي قبيح جدّا على من دخل في سلك الإيمان أن يذكر الناس بسمات الكفر.
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ١٣٦.