الموالي «فنزلت الآية وأبطلت هذه الأفكار الخرافية» (١).
ونقرأ في بعض الروايات الإسلامية أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خطب يوما في مكّة فقال :«يا أيّها الناس إنّ الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتعاظمها بآبائها فالناس رجلان رجل برّ تقي كريم على الله وفاجر شقي هيّن على الله والناس بنو آدم وخلق الله آدم من تراب قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (٢).
وقد جاء في كتاب «آداب النفوس» للطبري أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم التفت إلى الناس وهو راكب على بعيره في أيّام التشريق بمنى «وهي اليوم الحادي عشر والثّاني عشر والثّالث عشر» من ذي الحجة فقال : «يا أيّها الناس! ألا إنّ ربّكم واحد وإنّ أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلّا بالتقوى ألا هل بلّغت : قالوا نعم! قال : ليبلغ الشاهد الغائب» (٣).
كما ورد في حديث آخر بهذا المعنى ضمن كلمات قصيرة ذات معاني غزيرة أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّ الله لا ينظر إلى أحسابكم ولا إلى أنسابكم ولا الى أجسامكم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم ، فمن كان له قلب صالح تحنّن الله عليه وإنّما أنتم بنو آدم وأحبّكم إليه أتقاكم» (٤).
إلّا أنّ العجيب أنّه مع هذه التعليمات الواسعة الغنية ذات المغزى الكبير ما يزال بين المسلمين من يعوّل على الدم والنسب واللسان ويقدّمون وحدة الدم واللغة على الأخوة الإسلامية والوحدة الدينية ويحيون العصبية الجاهلية مرّة أخرى ،
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ٩ ، ص ٦١٦١.
(٣) المصدر السابق ، ص ٦١٦٢ ، والتعبير «بالأحمر» في هذه الرواية لا يعني من بشرته حمراء بل من بشرته حنطيّة لأنّ أغلب الناس في ذلك المحيط كانوا بهذه الصفة ومن الطريف أن يطلق الأحمر على الحنطة أيضا
(٤) المصدر السابق.