وبالرغم من الضربات الشديدة التي يتلقّونها من جراء ذلك ، إلّا أنّهم حسب الظاهر لا يريدون أن يتيقّظوا ويعودوا إلى حكم الإسلام وحظيرة قدسه!
حفظ الله الجميع من شر العصبية الجاهلية.
إنّ الإسلام حارب العصبية الجاهلية في أي شكل كانت وفي أيّة صورة ليجمع المسلمين في العالم من أي قوم وقبيلة وعرق تحت لواء واحد! ـ لواء القومية ولا سواه ـ لأنّ الإسلام لا يوافق على هذه النظريات المحدودة ويعدّ جميع هذه الأمور وهمية ولا أساس لها حتى أنّه ورد في حديث عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «دعوها فإنّها منتنة» (١).
ولكنّ لماذا بقيت هذه الفكرة المنتنة مترسّخة في عقول الكثيرين ممّن يدّعون أنّهم مسلمون ويتّبعون القرآن والأخوة الإسلامية ظاهرا؟! لا ندري!!
وما أحسن أن يبنى المجتمع على أساس معيار القيم الإسلامي (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) وإن تطوى القيم الكاذبة من قوميّة ومال وثروة ومناطق جغرافية وطبقية عن هذا المجتمع.
أجل ، التقوى الإلهية والإحساس بالمسؤولية الداخلية والوقوف بوجه الشهوات والالتزام بالحق والصدق والطهارة والعدل ، هي وحدها معيار القيم الإنسانية لا غير ، بالرغم من أنّ هذه القيم الأصيلة نسيت وأهملت في سوق المجتمعات المعاصرة وحلّت محلها القيم الكاذبة.
في نظام القيم الجاهلية الذي كان يدور حول محور «التفاخر بالآباء والأموال والأولاد» لم ينتج سوى حفنة سرّاق وناهبين ، غير أنّه بتبدّل هذا النظام وإحياء أصل (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) الكبير كان من ثمراته أناس أمثال سلمان وأبو ذر وعمّار وياسر والمقداد. والمهم في ثورات المجتمعات الإنسانية هو الثورة على القيم» وإحياء هذا الأصل الإسلامي الأصيل!
__________________
(١) صحيح مسلم طبقا لما نقل في ظلال الإسلام ، ج ٧ ، ص ٥٣٨.