وتؤدّى به الأمانة وتستحل به الفروج والثواب على الإيمان (١).
وربما كان لهذا السبب أنّ بعض الروايات تحصر مفهوم الإسلام بالإقرار اللفظي ، في حين أنّ الإيمان إقرار باللسان وعمل بالأركان ، إذ تقول الرواية «الإيمان إقرار وعمل ، والإسلام إقرار بلا عمل» (٢).
وهذا المعنى نفسه وارد في تعبير آخر في بحث الإسلام والإيمان ، يقول «فضيل بن يسار» سمعت الإمام الصادق عليهالسلام
يقول : إنّ الإيمان يشارك الإسلام ولا يشاركه الإسلام ، إنّ الإيمان ما وقر في القلوب والإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء (٣).
وهذا التفاوت في المفهومين فيما إذا اجتمع اللفظان معا ، إلّا أنّه إذا انفصل كل عن الآخر فربما أطلق الإسلام على ما يطلق عليه بالإيمان ، أي أنّ اللفظين قد يستعملان في معنى واحد أحيانا.
ثمّ تضيف الآية محل البحث فتقول : (وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً) وسيوفّيكم ثواب أعمالكم بشكل كامل ولا ينقص منها شيئا.
وذلك لـ (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
لا يَلِتْكُمْ) مشتق من «ليت» على زنة (ريب) ومعناه الإنقاص من الحق (٤).
والعبارات الأخيرة في الحقيقة إشارات إلى أصل قرآني مسلّم به وهو أنّ شرط قبول الأعمال «الإيمان» ، إذ مضمون الآية أنّه إذ كنتم مؤمنين بالله ورسوله إيمانا قلبيا وعلامته طاعتكم لله والرّسول فإنّ أعمالكم مقبولة ، ولا ينقص من أجركم شيء ، ويثيبكم الله ، وببركة هذه الأعمال يغفر ذنوبكم لأنّ الله غفور رحيم.
وحيث أنّ الحصول على هذا الأمر الباطني أي الإيمان ليس سهلا ، فإنّ الآية التالية تتحدّث عن علائمه ، العلائم التي تميّز المؤمن حقّا عن المسلم والصادق
__________________
(١) الكافي ، ج ٢ ، باب أنّ الإسلام يحقن به الدم ، الحديثان ١ ، ٢.
(٢) المصدر السابق.
(٣) أصول الكافي ، ج ٢ ، باب أنّ الإيمان يشرّك الإسلام ، الحديث ٣.
(٤) فعلى هذا يكون الفعل ليت أجوف يائيا وإن كان الفعل ولت بهذا المعنى أيضا.