طبقة واطئة ، أو أنّه إشارة إلى أصل موسى حيث كان من بني إسرائيل ، وكان الأقباط يرون أنهم ساداتهم وكبراؤهم.
ثمّ تشبث فرعون بذريعتين أخريين ، فقال ، (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) (١) فلو أنّ الله قد جعله رسوله فلما ذا لم يعطه أساور من ذهب ، ومعاونين له كباقي الرسل؟
يقولون : إنّ الفراعنة كانوا يعتقدون أنّ الرؤساء يجب أن يزينوا أنفسهم بالأساور والقلائد الذهبية ، ولذلك فإنّهم يتعجبون من موسى إذ لم يكن معه مثل آلات الزينة هذه ، بل كان قد لبس بدل ذلك ملابس الرعي الصوفية ، وهذا هو حال المجتمع الذي يكون معيار تقييم الشخصية في نظره الذهب والفضة وأدوات الزينة.
أمّا أنبياء الله فإنّهم باطراحهم هذه المسائل ـ بالذات ـ جانبا كانوا يريدون أن يبطلوا هذه المقاييس الكاذبة ، وأن يزرعوا محلها القيم الإنسانية الأصيلة ـ أي العلم والتقوى والطهارة ـ لأنّ نظام القيم إذا لم يصلح في مجتمع فسوف لن يرى ذلك المجتمع وجه السعادة أبدا.
على أية حال ، فإنّ ذريعة فرعون هذه تشبه الذريعة التي نقلت عن مشركي مكّة قبل عدّة آيات حيث كانوا يقولون : لم لم ينزل القرآن على عظيم من مكّة والطائف؟!
والحجّة الثانية هي تلك الحجّة المعروفة التي كانت تطرحها كثير من الأمم الضالة العاصية في مواجهة الأنبياء ، فكانوا يقولون أحيانا : لماذا أرسل الله بشرا وليس ملكا؟ وأحيانا أخرى : إذا كان إنسانا فلما ذا لم يأت معه ملك؟
في حين أنّ الرسل المبعوثين إلى البشر يجب أن يكونوا من جنسهم ليلمسوا حاجاتهم ، ويحسوا بمشاكلهم ومسائلهم ويجيبوهم ، وليقدروا على أن يكونوا من
__________________
(١) جاءت كلمة «مقترنين» هنا بمعنى المتتابعين أو المتعاضدين ، وقال البعض : إنّ الاقتران هنا بمعنى التقارن.