من أبنائكم من تكون فيه كل صفات الملائكة وطبائعهم (١).
إلّا أنّ التّفسير الأوّل ينسجم مع ظاهر الآية أكثر من الجميع ، وهذه التفاسير بعيدة (٢).
والآية التالية إشارة إلى خصيصة أخرى من خصائص المسيح عليهالسلام فتقول : إنّ عيسى سبب العلم بالساعة (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) إمّا أن ولادته من غير أب دليل على قدرة الله اللامتناهية ، فتحل على ضوئها مسألة الحياة بعد الموت ، أو من جهة نزول المسيح عليهالسلام من السماء في آخر الزمان طبقا لروايات عديدة ، ونزوله هذا دليل على اقتراب قيام الساعة.
يقول جابر بن عبد الله : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «ينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم : تعالى صلّ بنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة من الله لهذه الأمّة» (٣).
ونقرأ في حديث آخر عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم» (٤).
وعلى أية حال ، فإنّ إطلاق (العلم) على المسيح نوع من التأكيد والمبالغة ، وهو إشارة إلى أن نزوله من علامات القيامة حتما.
واحتمل أيضا أن يعود الضمير في (أنه) على القرآن ، وعلى هذا يكون معنى الآية : إنّ نزول القرآن الذي هو آخر الكتب السماوية ، دليل على اقتراب الساعة ، ويخبر عن قيام القيامة.
غير أنّ الآيات السابقة واللاحقة حول عيسى تقوي التّفسير الأوّل.
ثمّ تقول الآية بعد ذلك : إنّ قيام الساعة حتم ، ووقوعها قريب ، (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها)
__________________
(١) الميزان ، ذيل الآية مورد البحث.
(٢) طبقا للتفسير الأوّل ، فإنّ (من) للبدلية ، وبناء على التّفسيرين الثّاني والثّالث فإنّ (من) للإنشاء ، والابتداء.
(٣) نقل هذا الحديث صاحب مجمع البيان عن صحيح مسلم في ذيل الآيات مورد البحث.
(٤) مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث ، وتفسير روح المعاني ، المجلد ٥ ، صفحة ٨٨.