وبعدئذ يستنطق وجدانهم ويقول أليس الله الذي خلق السموات (وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) ، وانما لا يؤاخذهم بالعذاب لأنه قدر لهم أجلا لا ريب فيه ولكنهم لا يستغلون هذه الفرصة.
ولان الإنسان كفور بطبعة ، وبخيل قتور فهو بحاجة الى هاد ومرب وهو الرسول الذي يأتيه بالقرآن شفاء لما في الصدور.
ولم يكن النبي محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ بدعا من الرسل ، فهذه رسالة الله تتنزل على موسى عليه السلام والله سبحانه يؤتيه تسع آيات بينات فتحداه فرعون واتهمه بأنه مسحور ، وبين له موسى انها بصائر من الله وان فرعون مبتور.
وكما جرى لرسول الله محمد جرى لرسول الله موسى عليهما صلوات الله ، حيث أراد فرعون ان يستفز الرسول من الأرض فاغرقه الله ومن معه جميعا وأورث الله الأرض لنبي إسرائيل من بعده الى أجل معدود.
هذا مثل لشهادة الله على صدق رسالاته. ومثل لمكر الشيطان وكيده. ومثل لنصرة الله عباده. وان الحق منتصر وان الباطل كان زهوقا.
ولقد جاء القرآن بالحق ، وما على الرسول الا إبلاغه. وانما فرقه الله على أنجم ليثبت به فؤاد رسوله.
هكذا ابتدأت آيات الدرس الأخير الرابع عشر (١٠٥).
وهي تعالج عقبة اخرى للايمان. وهو تفريق القرآن وتنزله عبر سنين البعثة. وتؤكد ان للقرآن أصحابا يؤمنون به وانهم يخرون للأذقان سجدا كلما تليت عليهم آياته. ويزدادون ايمانا بوعد الله ، ويسجدون ويزيدهم القرآن خشوعا لربهم.