وإذا رمّانها مثل الدليّ العظام (١) وإذا شجرة لو أرسل طير في أصلها ما دارها سبعمائة سنة وليس في الجنة منزل الا وفيه غصن منها ، فقلت ما هذه يا جبرئيل؟ فقال : هذه شجرة طوبى قال الله : «طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ» قال رسول الله : فعند ما دخلت الجنة رجعت الى نفسي فسألت جبرئيل عن تلك البحار وهولها وأعاجيبها ، فقال : هي سرادقات الحجب التي احتجب الله تبارك وتعالى بها ، ولو لا تلك الحجب لهتك نور العرش كل شيء فيه.
وانتهيت الى سدرة المنتهى فاذا الورقة منها تظل امة من الأمم ، فكنت منها كما قال تعالى : (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) فنادى الله سبحانه وتعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) فقلت انا ، مجيبا عنّي وعن أمتي : «وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ» فقال الله : «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ ، وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» فقلت : «رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا» فقال الله : «لأحملنّك»
فقلت : «رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ».
فقال الله تبارك وتعالى : «قد أعطيتك ذلك ولامتك»
قال الصادق (ع):
«ما وفد على الله تعالى أحد أكرم من رسول الله حين سأل لامته هذه الخصال» (٢)
__________________
(١) حيث أن رمان الجنة كالدلو ، ودليّ جمع دلو.
(٢) وتلك هي الآيات الاخيرة من سورة البقرة ، وقد جاء ذلك في مضمون
حديث عن رسول الله (ص) حيث قال : رفع عن أمتي تسع : الخطأ والنسيان وما لا يعلمون و... والى آخر الحديث).