إذ كانوا يقطعون الأشجار ، ويحطمون العمران ويهلكون الحرث والنسل.
[٨] (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا)
فاذا تركتم الفساد ، وتوجهتم الى تعاليم الله فانه سوف يغنيكم ويرحمكم. هذا في الدنيا اما في الآخرة فانه تعالى يقول :
(وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً)
ان بني إسرائيل لم ينتفعوا بهذه الحكمة الالهية البالغة ، فجاءوا الى فلسطين جبارين بعد أن ربطوا أنفسهم بالقوى المفسدة في الأرض ، وقتلوا ، وشردوا ، وارهبوا ، وارتكبوا أبشع الجرائم بحق الناس الآمنين من أهالي فلسطين باسم حقّهم في ارض الميعاد ، ولعمري لو كان دينهم يعطيهم شرعية الظلم والعدوان فانه ليس دين الله ، ولا هو ينسجم مع وجدان الإنسان ، انما هي عقد نفسية تراكمت عبر التاريخ ، وانفجرت اليوم ، ولإن امهلهم الرب العزيز الحكيم ، فلسوف يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
هذا عنهم ، اما عنا فلقد جعلنا هذه الآية خلف ظهورنا ، ولم ننتفع بحكمتها أيضا ، فلقد كسلنا ، وتقاعسنا ، واختلفنا ، ولم نتضرع الى الله ، ونصلح أنفسنا حين أحاط بنا البلاء ، وكان بنوا إسرائيل اليوم بالنسبة إلينا كما كان بخت نصر بالنسبة إليهم ظالمين ، ينتقم الله بهم منا ، وثم ينتقم منهم بمن يشاء سبحانه.