زينة الحياة والهدى :
ان القرآن الحكيم يتابع في سورة الكهف سلسلتين من القضايا :
الأولى : عن زينة الحياة الدنيا ، وموقف الإسلام منها.
والثانية : عن القضايا التي تتصل بالهدى والعلم والمعرفة.
ولا ريب ان بين هاتين السلسلتين علاقات هامة ، إذ ان الإنسان الذي يتسلح بالهدى والعلم يتخذ موقفا ايجابيا ومتساميا من زينة الحياة الدنيا ، اما ذلك الذي يفقد هذا السلاح ، فأن موقفه من زينة الحياة الدنيا ومتاعها الزائل هو موقف الأتباع المطلق والاستسلام التام.
والواقع ان هذا من مظاهر اعجاز القرآن ، وبلوغه في البلاغة المنتهى ، حيث ان آياته الكريمة تتبع عدة خطوط متوازية ومتناسبة تتظافر على توجيه القلب البشري الى قضية جوهرية واحدة ، الا ان السلسلة الاولى كما يبدو هي المحور في آيات هذه السورة حيث تتحدث سورة الكهف عن الرؤية الاسلامية الى زينة الحياة ، وكيف ينبغي على الإنسان ان يتحرر من ضغوط زينة الحياة وحب الدنيا وينظر الى الحياة نظرة موضوعية قوامها معرفة عاقبة الحياة ، والعلاقة الوثيقة بين زينة الحياة الدنيا والتمتع بها وبين عمل الإنسان.
فنجد في هذه السورة قصة أصحاب الكهف والرقيم الذين تحرروا من حب الجاه الذي كانوا فيه ، واستطاعت إرادتهم السامية ان تقلع بهم من قاع الحياة المادية الى سماء الحقيقة والقيم ، ونجد في هذه السورة أيضا قصة معاكسة لذلك ، وهي قصة صاحب الجنة التي دخلها وزعم انه خالد فيها ، وكلما نصحه الناصح الأمين وقال : ان هذه الجنة انما هي بأذن الله ، ولو لا ان تقول ما شاء الله حين تدخل جنتك ، فإنها