الإنسان لا حدود له ، مهما كانت الحقائق القرآنية كثيرة امامه ، ثم أكدت على ان الإنسان ليس مجبرا على الهداية ، وان الاستهزاء هو اخطر حجاب بين عقل الإنسان وبين الهداية. ومن أشد ظلما لنفسه وللناس وللحقائق ممن أودع الله قلبه فطرة الأيمان ثم ذكرّه عبر رسالاته بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ذنوبه فجعل الله على قلبه ستارا ، ومنع عنه الفقه وجعل في اذنه وقرا فاذا به لا يهتدي أبدا.
ولأن الله غفور ذو رحمة ، فهو لا يعاجل الكافرين بالعذاب إلا أن لهم موعدا لا يحيدون عنه ، وشاهد ذلك تاريخ القرى التي أهلكت في الموعد المحدد لهلاكها ـ (٥٧)
ويستمر السياق القرآني (٦٠ ـ ٦٤) يحدثنا عن قصة موسى مع العالم ، ومن خلالها يبين لنا صفات العالم والمتعلم ، وأهمية العلم ، كما يشير الى وجود خلفيات هامة للتقديرات الإلهية ، والأحكام الشرعية.
فلقد عقد موسى العزم على الرحيل الى مجمع البحرين وأنبأ فتاه ومرافقه بأنه حتى لو مضت حقب من الزمان فلن ينثني عن عزمه هذا ، وعند ما بلغا مجمع البحرين نسيا حوتهما الذي سرب في الماء وعند ما تركا الموقع طلب من صاحبه الغداء ، الا أنه أخبره بقصة الحوت التي كان قد نسيها وقال : ان الشيطان هو الذي أنساه وحين عرف موسى بقصة الحوت علم بأن موقع قرب الحوت في البحر هو بالذات ميعاده مع العالم فعادا أو رجعا اليه.
عند الموقع وجد موسى العالم الذي أتاه ربه الرحمة والعلم ، وحين سأله موسى عما إذا كان مستعدا لتعليم رشدا مما علمه الله ، أخبره انه لن يصبر على ذلك الرشد لأنه لم يحط بذلك خبرا ، وأصر موسى ووعده بالطاعة إنشاء ربه.