المعاملة.
(وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً)
وذلك حتى لا يحس الأعداء بهم ، وهذا يفيد بأن الذي يعمل عملا سريا عليه ان يتكتم على عمله ، وأن يعمل بطريقة ذكية بحيث لا يشعر أحدا بأن عنده عملا سري ، ولا يكفي أن يكتم عنهم نوع عمله فحسب بل حتى يكتم شخصه ، وذلك حتى لا يدفعه فضوله الى البحث واكتشاف اسرار ذلك العمل ، وهذا منتهى السرية والكتمان المطلوب في العمل الثوري الناجح.
[٢٠] (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً)
اما يقتلونكم رجما وهو من أشد أنواع القتل واما يضغطون عليكم فيسببون ارتدادكم عن ايمانكم وفي ذلك ابتعادكم النهائي عن الفلاح والسعادة ، وهذا يعني ان على الإنسان الا يعرض نفسه وبمحض إرادته لتلك الضغوط التي يخشى على نفسه منها ، ولا يقول أحد انا لا يهمني السجن أو التعذيب لأني رجل صامد ، فربما تكون الآن صامدا ، ولكن غدا إذا صبّ عليك العذاب صبا في سجون الطواغيت فقد تفقد ذلك الصمود وتنهار ، وبانهيارك ينهار دينك ، لذلك فأن أصحاب الكهف اتبعوا شروط التقية والسرية من أجل الا تتسبب ضغوط الأعداء عليهم في عودتهم عن دينهم الى دين الملك آنذاك ، وبالتالي يحرمون من الفلاح والسعادة. والواقع انهم كانوا ـ لفترة طويلة ـ يعبدون الله في السر. وأعطاهم الله أفضل الجزاء على ذلك جاء في الحديث الشريف المأثور عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): «إن أصحاب الكهف أسرّوا الأيمان وأظهروا الكفر ، وكانوا على جهار الكفر أعظم اجرا منهم على الأسرار بالأيمان» (١).
__________________
(١) نور الثقلين ج ٣ / ص ٢٤٤