بين الشركاء والمشركين هوة سحيقة ومهلكة ، يسميها القرآن بالموبق وهي : الفجوة العميقة الفاصلة بين شيئين ، ولكن لماذا هذه الفجوة؟
بالرغم من أن هؤلاء وأولئك في كثير من الأحيان يسلكون سبيلا واحدا ، ومصيرهم جميعا الى النار؟ لعلّ هذه الهوة العميقة ترمز الى الهوة التي يجب أن تكون بين الإنسان والشركاء.
[٥٣] (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها)
تأملوا هذ المشهد : الكفار لم يظنوا أو تصوروا أنهم سيقعون في النار ، وانما تصوروا لمسهم للنار واحتكاكهم بها فقط.
(وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً)
وجري بنا ان نتصور نحن هذه الحالة أيضا ، فنحن لم نر تلك النار اللاهبة الشديدة ، ولكننا نستطيع أن نتصور أنفسنا واقفين على نار قعرها عميق ، وحرّها شديد ، وعذابها غليظ ، ونتخيّل تلك النيران المحرقة وهي تلامس أجسادنا دون أن نجد مهربا منها ، لنتصور هذه الحالة ، فأن التصور يقرب الحقيقة الى ذهن الإنسان ويقوم بدور الوسيط بينه وبين الحقائق البعيدة ، وبالتالي فهو يربي الإنسان وينمّي تقواه.
ان الطالب الذي يتصور قاعة الامتحانات في آخر السنة الدراسية ، يتحصن ضد السقوط عند ما يدخلها ليؤدي الامتحان عمليا ، وهكذا الفرد الذي تتاح له فرصة الجريمة ، ولكنه حين يتصور قاعة المحكمة انه يبتعد عن الجريمة ، كذلك نحن إذا تصورنا تلك النيران في جهنم سنمتنع عن المعاصي والفساد.
ذلك هو التاريخ البعيد ، وهذا هو المستقبل القادم ، وبينهما ينثني السياق