توصيف القرآن للسد علما بأن كورش هو الذي بناه ، دفاعا عن أهل المنطقة في مواجهة قبائل «يأجوج ومأجوج» المتوحشة التي كانت لهم هجمات على البلاد المتحضرة طوال التاريخ ، حيث كانت الأخيرة منها بقيادة جنكيز خان المغولي (١) هذا. ولكن الأحاديث الواردة في قصة ذي القرنين تتناسب وهذا القول والله أعلم.
[٨٤] (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً)
مكن الله ذا القرنين في الأرض ، وذلك عن طريق تعريفه بالأسباب والعلل ، فذا القرنين علمه الله أسباب الحياة ، واستطاع عن طريق علمه أن يتمكن في الأرض ويسخّر الطبيعة.
[٨٥] (فَأَتْبَعَ سَبَباً)
لقد تحرك ذو القرنين في طريق السبب ، واختار أحد الأسباب واتبعه بعد أن أتاه الله من كل شيء سببا ، أن علم الإنسان كثير ، ولذلك فهو يختار من بين معلوماته عما يمكن أن يطبق عمليا في إطار حياته المحدودة ، وإذا أراد أن يتبع كل ما يعلم فأن حياته لن تكفي لذلك حتما.
سياسة العدل :
[٨٦] (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً)
وصل ذو القرنين الى آخر الأرض المسكونة غربا ، وحينما وقف هناك رأى الشمس تسقط في بحر أو مستنقع مائي أو ما يشبه ذلك والإنسان إذا كان في البر فأنه يرى الشمس وكأنها تسقط في الأرض الملساء ، وإذا كان عند البحر يرى
__________________
(١) تفسير «نمونه» للشيرازي ـ ج ١٢ ، ص (٥٤٥ / ٥٤٩)