فلا الله فوّض أمر الحياة الى البشر ، لأنه بعث الرسل ، ولا أنه يريد ان يكره الناس على الهداية ، فاذا لم يكرهم فهو راض عنهم ، لأن مهمة الرسل تنتهي عند البلاغ ، لتبدأ مسئولية الإنسان نفسه.
الكلمة البالغة :
[٣٦] وهكذا بعث الله الرسل بكلمة بالغة الوضوح : عبادة الله ورفض الطاغوت.
(وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)
الطاغوت يفرض نفسه على الناس ولا يكفي السكوت عنه ، بل انه رجس يجب الاجتناب عنه ، يجب التحصن منه ، يجب الحذر ، يجب التمرد والثورة عليه ، إذا لم يفوّض الله أمر العباد إليهم ليختاروا لأنفسهم حكومتهم ، أو ليسكتوا ان شاؤوا عمن يريد استغلالهم وتضليلهم ، كلا .. بل أتم حجته عليهم بان بعث في كل أمة رسولا يأتمون به ، ويتفاعلون مع بعضهم ، حتى لا يبقى أحد منهم يقول لم أكن أعلم.
ولكنه لم يشأ ان يكرهم على قبول الهداية.
(فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ)
الّذي يهتدي فالله يهديه ولكن بعد ان يختار ذلك ، والّذي يضل فالله يضله ولكن بعد ان يختار ذلك ، لذل قال ربنا : «حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ» أي وجبت ضلالته بعد أن أختار ذلك ، وكلّ يتحمل مسئوليته.
(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)