السفينة.
الثالث : العذاب التدريجي كأن يعذب الله أمة بالقحط فيموتوا بالتدريج. ولكل لون من العذاب ألم خاص يدعنا نتحذر منه ، وقد حذّرنا القرآن منها جميعا. فعن اللون الأول من العذاب والثاني حذرتنا الآية الأولى والثانية ، أما عن اللون الثالث فيقول سبحانه
(أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ)
قال الطبرسي : التخوف والتنقص وهو ان يأخذ الأول فالأول حتى لا يبقى منهم أحد ، وتلك حالة يخاف منها الفناء ويتخوف الهلاك ، ويقال : تخونّه الدهر. (١)
وجاء في الحديث المأثور :
«التخوف هو التيقظ»
والواقع ان معنى التخوف الأصلي هو التيقظ اشتقاقا من كلمة الخوف ، ولكن يسمى الهلاك التدريجي بذلك ، لأن الإنسان يخشاه ويسعى جهده لتجنبه ، فلا يستطيع ذلك مما يسبب له ألما جسديا ونفسيا ، وربما كان هذا اللون من العذاب هو الأكثر ألما ، ولذلك طمأن ربنا عباده بأنه رؤف رحيم.
(فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ)
فبالرغم من استحقاقهم العذاب التدريجي ، الا انه يتابع نعمه عليهم برأفته ورحمته.
__________________
(١) مجمع البيان ص ٣٦٣ ج ٦.